الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِي تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

في هذه الآية عرض موجز لبعض مشاهد الكون العجيب، وآيات لكل ذي عقل على وجود الله وألوهيته. وفيها تنبيه للحواس والمشاعر تفتح العين والقلب على عجائب هذا الكون، فمن ذلك: ابداع السموات التي ترونها والكواكب تسير فيها بانتظام دون ان تتزاحم او تصطدم، بل تبعث الحرارة والنور لهذا العالم، والارضُ وما فيها من البر والبحر، وتعاقب الليل والنهار في حياتها وما في ذلك مع المنافع للناس. كذلك ما يجري في البحر من السفن التي تحمل الناس والمتاع، ولا يسيّرها الا الله. كذلك فهو الذي يرسل الرياح التي تبعث المطر، فيحيي الحيوان ويسقي الارض، والنبات. ومن خلقه ايضا ما ترونه من السحاب المعلّق بين السماء والارض.

والآن، هل يعقل ان تقوم هذه الأشياء كلها، وبهذا الاتقان والإحكام من تلقاء نفسها! ام هي صنع العليم القدير!

ويدلنا علم الفلك ان عدد نجوم السماء مثل عدد ذرات الرمال الموجودة على سواحل البحار في الدنيا كلها، فمنها ما هو أكبر من الأرض وما هو أصغر منها. لكن أكثرها كبير جداً، حتى ليمكن ان يعدِل أحدها ملايين النجوم التي في مثل حجم ارضنا هذه.

عندما تكون السماء صافية نستطيع ان نرى بالعين المجردة خمسة آلاف من النجوم ولكن هذا العدد يتضاعف الى أكثر من مليونين حين نستعمل تلسكوباً عادياً. ذلك ان الفضاء الكوني فسيح جداً، تتحرك فيه كواكب لا حصر لها، وبسرعة خارقة. فبعضها يواصل رحلته وحده، ومنها ما يسير مثنى مثنى، أو في مجموعات.

وأقرب حركة منا هي حركة القمر الذي يبعد حوالي 000ر240 ميل. وهو يكمل دورته حول الارض من تسعة وعشرين يوماً ونصف يوم. كذلك تبعد أرضنا عن الشمس مسافة (000ر000ر92) ميل، وهي تدور حول محورها بسرعة الف ميل في الساعة، وقطر فلكها (000ر000ر190) ميل تكمله مرة واحدة في السنة. وهناك تسعة كواكب مع الارض وكلّها تدور حول الشمس بسرعة فائقة. فالمشتري مثلا يكمل دورة واحدة حول الشمس كل 11 سنة وستة وثمانين يوما. وزحل كل 29 سنة وستة وأربعين يوما. وأورانس كل 84 سنة ويومين. ونبتون كل 164 سنة وسبعة وتسعين يوما. وأبعد هذه الكواكب السيّارة حول الشمس هو بلوتو الذي تستغرق دورة واحدة منه حول الشمس 248 سنة و 43 يوما. وحول هذه الكواكب يدور واحد وثلاثون قمرا.

ولا ننسى ذلك العملاق الذي نسميه " الشمس " ، وهي أكبر من الأرض بمليون ومئتي ألف مرة. ثم ان هذه الشمس ليست بثابتة في مكانها وانما هي بدورها تدور مع كل هذه السيارات والنجيمات في هذا النظام الرائع. وهناك آلاف من الأنظمة غير نظامنا الشمسي، يتكون منها ذلك النظام الذي يسمى المجرات.

السابقالتالي
2