رشدا: اصابة الخير. على ما لم تحط به خُبرا: على معرفة الشيء معرفة تامة. والخُبر: المعرفة. ذكرا: بيانا وشرحا. فلما بلغا تلك الصخرة وجدا عندها رجلا صالحا اعطاه الله الحكمة، أي علّمه من عنده علما كثيرا. وسلم عليه موسى، وقال له: هل اصحبك لتعلمني مما علمك الله أسترشدُ به في امري؟ فقال الرجل الصالح: انك لن تستطيع الصبر على ما تراه مني. وكيف تصبر على أمور ظاهرها منكر، وباطنها مجهول لا خبرة لك بمثلها؟ قال موسى: ستجدني ان شاء الله صابرا معك مطيعا لك فيما تأمر به. قال الرجل الصالح: ان سرت معي ورأيت اني عملت عملاً منكرا فلا تعترض علي وتسألني عنه حتى أحدثك عنه وأبين لك سره. وهذا العبد الصالح اختلف العلماء فيه، هل هو الخضر كما هو شائع بين اكثر المفسرين او هو رجل آخر، وهل هو نبي او ملك من الملائكة، او ولي؟ وهذا قول كثير من العلماء. واختُلف فيه: هل هو لا يزال حيا الى اليوم او انه مات، فقد انكر البخاري ان يكون حيا، وعلماء السنة يقولون انه ميت بدليل قوله تعالى:{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ } [الأنبياء:34]. وبذلك جزم ابنُ المناوي وابراهيم الحربي وابو طاهر العبادي، وابو يعلى الحنبلي، وابو الفضل بن تامر، والقاضي ابو بكر بن العربي، وابو بكر بن النقاش، وابن الجوزي. قال ابو الحسين بن المناوي: بحثت عن تعمير الخضر، وهل هو باق ام لا فاذا اكثر المغفلين مغترون بانه باق، والاحاديث الواردة واهية والسند الى اهل الكتاب ساقط لعدم ثقتهم. وقال في " فتح البيان ": والحق ما ذكره البخاري واضرابه في ذلك، ولم يرد في ذلك نص مقطوع به، ولا حديث مرفوع اليه صلى الله عليه وسلم حتى يقيمه عليه. ويقول الصوفيون انه حي، وان بعضهم لقيه، وهذا كلام ليس عليه دليل ويناقض نصوص القرآن. وبما انه لم يرد نص معتمد في القرآن او الحديث فاننا نكتفي بالعبرة من القصة، ولا يهمنا معرفة الاسماء والاشخاص. وقد كتب الحافظ ابن حجَر في " الاصابة " بحثا طويلا في نحو عشرين صفحة قال فيه: وقد جمعت من اخباره ما انتهى إليّ علمه مع بيان ما يصح من ذلك وما لا يصح.