الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

أبكم: اخرس. كَلٌّ: عاجز، كأنه حمل ثقيل على غيره فهو لا يستطيع ان يعمل شيئا. الساعة: القيامة.

بعد ان بين الله دلائل التوحيد البيانَ الشافي، وبيّن بعض نِعمه على عباده، ضرب هنا مثَلين يؤكد بهما إبطالَ عبادة الأصنام والشرك.

المثل الاول: عبد مملوك لا يقدِر على شيء ورجل حر كريم غنيٌّ كثير الإنفاق سِراً وجهرا، { هَلْ يَسْتَوُونَ } هل يجوز ان يكونا سواءً في الكفاية والمقدرة!! وعلى هذا فكيف يجوز ان يُسوَّى بين الله القادر الرازق، وبين الأصنام التي لا تملك شيئاً ولا تقدر على النفع والضرر!! { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } إن الثناء كلَّه والحمد لله، وان أكثر هؤلاء لا يعلمون فيضيفون نعمه الى غيره، ويعبدون من دونه. والتعبير بقوله: " هل يستوون " بالجمع، ولم يقل: هل يستويان، لانه اراد النوع يعني هل يستوي العبيد والاحرار؟

والمثل الثاني: مثل رجلَين احدُهما أبكم عاجزٌ لا يقدِر على عمل شيء، واينما توجَّه لا يأتي بخير، والثاني فصيحٌ قوي السمع، يأمر بالحق والعدل، وهو مستقيم مؤمن مخلص، هل يستويان؟ ولذلك لا يجوز مساواة الجماد برب العباد.

{ وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.

ولله عِلم ما غاب عن أبصاركم في هذا الكون، وما أمرُ مجيء يوم القيامة وبعث الناس عند الله الا كردّ الطرف، بل أسرعُ من ذلك، ان الله قادر على كل شيء، ولا أحدَ يملك معه شيئا.