الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ } * { يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلْنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَعَلامَاتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } * { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } * { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ }

تسيمون: ترعون الماشية، تجعلونها ترعى النبات. ذرأ: خلق. سخر البحر: ذللـه وجعله في خدمتكم. مواخر: جمع ماخرة: جارية فيه، مخر الماء شقة. الرواسي: الجبال. ان تميد بكم: ان تميل وتضطرب. وسبلا: طرقا.وعلامات: اشارات، ومعالم يستدل الانسان بها.

{ هُوَ ٱلَّذِي أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَآءً لَّكُم مَّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ }.

بعد أن ذكر اللهُ نعمته على الناس بتسخيرِ الدوابّ والأنعام، شرع يَذْكُر نعمتَه عليهم بإنزالِ المطرِ والخلْق وتسخير الكونِ كلّه لهذا الإنسان.

إن الذي خلقَ لكم الأنعام والخيلَ وسائرَ البهائم لمنافِعِكم ومصالِحِكم هو الذي أنزلَ المطر من المساءِ عذباً زلالاً تشربون منه وتسقون الشَجر والنبات. وهذا الشجرُ والنبات هو الذي تجعلون أنعامكم ترعاه وتمدّكم باللّبن واللّحم والأصواف والأوبارِ والأشعار والجلود.

{ يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ }.

إن هذا الماء ينزله اللهُ من السماء بقدْرته فيحيي به الأرضَ وينبتُ لكم زرعكم المختلفَ من جميع أنواع الثمرات وتيجعله رِزقاً لكمن ونعمةً منه عليكم، وحجةً على من كفر به.

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }.

ان فيما ذُكر من الآيات الداّلة على قدرة الله وما فيها من نعم لا تحصى لأدلّةً وحُجَجاً لقومٍ لهم عقول تفكّر، بها يدركون حكمةَ الله، ويفهمونها حق الفهم.

قراءات:

قرأ ابو بكر: " ننبت لكم " بالنون، والباقون: " ينبت لكم " بالياء.

{ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ وَٱلْنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ }.

ومن نِعمة تعالى عليكم ان جعل لكم الليلَ مهَّيئاً لراحتكم، والنارَ جعله مناسباً لِسعيكم وحركتكم وأعمالكم، والشمس تمدّكم بالدفء والضوءِ، والقمرَ لتعرفوا به عددَ السنين والحساب، والنجوم مسخَّرات بأمر الله لتهتدوا بها في أسفاركم في ظُلمات البرّ والبحر.

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }.

إن في كلّ هذه النعمِ والدلائلِ لآياتٍ لقوم لهم عقول تدرك وتتدبّر ما وراء هذه الظواهر من قدرة.

{ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ }.

ومن نعمه التي لا تُحصى عليكم ما خلقَ لكم في الأرضِ من أنواعِ الحيوان والنبات والجماد، وجعل في جوفها من المعادن المختلفة الألوانِ والأشكال، وجعلَ كلَّ ذلك لمنافِعِكم، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } ان في ذلك كله لأدلة واضحة لقوم يذكرون ولا ينسون.وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [البقرة:269].

قرأ حفص: " والنجوم مسخرات " بالرفع. وقرأ ابن عامر: " والشمس والقمر والنجوم مسخرات " بالرفع. والباقون " والشمس والقمر والنجوم مسخرات " كلها بالنصب.

{ وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا }.

ومن هذه النعمِ الكبرى نعمةُ البحر وما فيه من أنواع الحيوان، فإن الله تعالى جعلَ هذا كلَّه للإنسان ليأكلَ منه ذلك اللحمَ الطريَّ الشهيّ، ويستخرجَ من جوفه أنواعَ اللؤلؤ والمرجان حِيلةً جميلة تلبَسونها ايها الناس وتتلحَّوْن بها.

السابقالتالي
2