فاسر بأهلك: اذهب بهم ليلا. واتبع أدبارهم: وكن انت وراء اهلك. لعمرك: قسَم. وبعد ان بشّر إبراهيمَ بالولد وخبروه أنهم مرسَلون بعذاب قومٍ مجرمين، ذهبوا الى لوط. وبدأت المعركةُ بين لوطٍ وقومه حولَ هؤلاء الرسل. { فَلَمَّا جَآءَ آلَ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلُونَ.... }. ولما وصَل الملائكةُ إلى ديار لوط، لم يعرفهم لوط في بادئ الأمر، وقال لهم: إنكم قومٌ مُنْكَرون، ما الذي جاء بكم إلى بلادنا؟ قولوا: لا تخفْ، إنا رسُلٌ من عندِ ربك، جئناك بأمرٍ يسرُّك، وهو إنزالُ العذاب بهؤلاء المجرمين. ثم شرعوا يرتّبون له كيف ينجو هو وأَهلُه والمؤمنون معه قبل حولول العذاب بقومه، فقالوا له: سِرْ ليلاً بأهلكَ ومن آمنَ معك بعد مرور قِطْعٍ من الليل، وكُنْ خَلْفَهم حتى تتأكد من ان الجميع ساروا ونجَوا، ولا يتلفتْ منكم أحدٌ خلفه، بل امضوا حيث يأمركم ربكم. { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ }. وقدَّرنا ان هؤلاء المجرمين هالكون عن آخرهم عند دخول الصباح. وعندما علم القومُ بوصول الرسُل وهم بهيئةٍ جميلة، أسرعوا نحوهم مستبشِرين بمجيئهم الى مدينتهم طمعاً فيهم، فلما رآهم لوط مسرعين قال لقومه: إن هؤلاء الذي جئتم تريدون منهم الفاحشَةَ هم ضُيوفي، فلا تفضحوني فيهم، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُخْزُونِ } ، اي خافوا عقاب الله ان يحل بكم. فقال له قومه: أوَلَم نَنْهَكَ ان تُضيفَ أحداً من العالمين؟ فلما رآهم متمادين في غيِّهم، لا يرعَوُون عن غوايتهم، قال لهم لوط: هؤلاء بناتي وبناتُ القرية، يمكنكم ان تتزوّجوهن إن كنتم راغبين في قَضَاء الشهوة. { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ }. بحقّ حياتك أيّها النبيُّ الأمين، انهم لفي غفلةٍ عما سينزل بهم، جعلتْهم كالسكارى يترددون ويتخبّطون، فلا يرجى ان يفيقوا ولا ان يسمعوا.