الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيْءٍ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } * { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ }

برزوا: ظهروا جميعا يوم القيامة. تبع: جمع تابع. مغنون عنا: دافعون عنا. محيص: مهرب.

{ مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيْءٍ }.

مثلُ أعمالِ الكافرين التي كانوا يعملونها في الدّنيا كَمثَلِ رمادٍ حملتْهُ الريحُ في يومٍ عاصف وأسرعتْ بالذهابِ به فلم يبقَ له أثر، وهم لا يستفيدون شيئاً يوم القيامة مما عملوا في الدنيا.

{ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ }.

ومثل هذا السعي والعملِ على غير أساسٍ ولا استقامة، هو الضلالُ البعيد عن الحق.

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ }.

ألم تعلم أيها الرسول أن الله خلقَ السماواتِ والأرضَ لتقومَ على الحقّ بمقتضى حكمته، ومن قَدَرَ على هذا العمل العظيم لهو قادرٌ على إهلاك الكافرين، والإتيان بخلقٍ جديد غيرهم.

{ وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ }.

وليس بممتنعٍ على الله ولا متعذِّرٍ ان يستخْلِفَ قوماً مكان قوم من قريشٍ او غيرهم من المعاندين الجاحدين.

قراءات:

قرأ حمزة والكسائي: " خالق السماوات والارض " والباقون " خلق " كما هو في المصحف.

{ وَبَرَزُواْ للَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ }.

هذه صورة حيّة لموقف هؤلاء المجرمين وأتباعهم والحوارِ بينهم، فحين يقفون جميعاً بين يدي الله يوم القيامة، يقول الضعفاءُ التابعون للزعماءِ المستكبرين: لقد كُنا تابعين لكم في تكذيب الرسُل ومحاربتهم، فهل تدافعون عنا اليومَ في هذا الموقف الرهيب؟ فيقول المستكبرون: لو أن الله هدانا لأرشدناكم، ولكن ليس بيدِنا أيةُ حيلة، وليس لنا مهربٌ ولا خلاصٌ مما نحن فيه جميعا، وسِيّان الجزعُ والصبر،فلا نجاةَ لنا من عذاب الله.