الذرية: النسل. ان يفتنهم: ان يختبرهم ويبتليهم وهنا معناه ان يضطهدهم. لعال في الأرض: مستَبدّ. تبوأ المكان: اقام فيه. اطمس على اموالهم: أزلها واشدد على قلوبهم: ضيّق عليهم. { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ }. كان الذين آمنوا بموسى مجرد فئة قليلة من السَحَرة والشّبان، آمنوا على خوفٍ من فرعونَ وزعماءِ قومهم، خشيةَ أن يضطهدوهم ويعذّبوهم ليرتدّوا عن دينهم. { وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ }. ان فرعونَ مستبدُّ جبّار، غالى وأسرف وتجاوز كل حدّ في الظلم والطغيان. { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ }. وقال موسى لمن آمن من قومهَ، ولقد رأى عليهم الخوفَ من الفتنة والاضطهاد: إن كنتُم آمنتم بالله حقَّ الإيمان فتوكّلوا عليه، وسلموا أموركم له، وثقوا بنصره. { فَقَالُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }. فقالوا ممتثلين أمره: على اللهِ وحدَه توكّلنا. ثم دعَوا ربَّهم أن لا يجعلَهم أداةَ فتنةٍ وتعذيبٍ على يد الكفارين. { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }. كذلك دعوا ربهم قائلين: خلَّصْنا يا ربنا برحمتك من أيدي فرعون وقومه الكافرين. { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً... }. وقلنا لهما: اتخِذوا لقومكما بيوتاً في مصر تكون مساكنَ وملاجئَ تَعْتَصِمونَ بها " واجعلوا بيوتكم قِبلَة " أي متقابلة على جهة واحدو. " وأقيموا الصلاةَ وبشرّ المؤمنين " ، وأدّوا الصلاةَ على وجهِها الكامل، واستبشروا أن يحفظكم الله من فتنة فرعون واعوانه. { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ }. لمّا يئس موسى من فرعون وأعوانه أن يُرجى لهم صلاح، قال: يا ربّ، إنك أعطيتَ فرعون وخاصّتَه بهجةَ الدنيا وزينتَها من الأموال والبنين والسلطان، لكنَّ عاقبة هذا الغنى والنعيم كانت الاسرافَ في الضلال والإضلال عن سبيل الحق. { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَٱشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ }. اللهمّ اسحقْ أموالَهم واتركْهم في ظُلمةِ قلوبهم، فلا يوفَّقوا للإيمان حتى يروا العذابَ رأي العين. قارن بين موسى ومحمد، دعى موسى على قومه، ودعا سيدنا محمد لهم. { قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }. قال الله تعالى: قد أُجيبتْ دعوتُكما يا موسى وهارون في فرعونَ وأعواِنه، فامضِيا لأمري واثُبتا على ما انتما عليه، ولا تسلُكا سبيلَ الذين لا يعلمون الأمور على وجهِها. قراءات: قرأ ابن عامر: " ولا تتبعان " بكسر النون بدون تشديد. وقراءة اخرى: " ولا تتبعان " بسكون التاء الثانية وفتح الباء وتشديد النون. وقرأ الباقون " ولا تتبعان " بتشديد التاء الثانية وكسر الباء وتشديد النون المسكورة.