58- وربك العظيم المغفرة لذنوب عباده، صاحب الرحمة الواسعة لمن أناب إليه منهم، ولو شاء أن يؤاخذهم بما اجترحوا من السيئات لعجَّل لهم العذاب كما سلف لغيرهم، ولكنه - لحكمة قدَّرها - أخرهم لموعد يذوقون فيه أشد العقاب، ولن يجدوا ملجأ يحفظهم منه. 59- وها هى ذى القرى الماضية التى دمرناها لما ظلم أهلها بتكذيب رسلهم، وجعلنا لهلاكهم موْعدا لا يتخلف، فكذلك حال المكذبين من قومك إذا لم يؤمنوا. 60- وإن علم الله لا يحيط به أحد، إلا أن يعطيه نبياً أو صالحاً، واذكر - أيها الرسول - أن موسى ابن عمران قال لفتاه - خادمه وتلميذه -: لا أزال أسير حتى أبلغ ملتقى البحرين أو أسير زمناً طويلاً. 61- فلما بلغ موسى وفتاه المكان الجامع بين البحرين، نسيا فيه حوتهما الذى حملاه بأمر الله، فانحدر فى البحر واتخذ طريقه فى الماء. 62- فلما ابتعد موسى وفتاه عن المكان، وأحسا بالجوع والتعب، قال موسى لفتاه: آتنا ما نتغذى به، لقد لقينا فى سفرنا هذا تعبا ومشقة. 63- قال له فتاه: أتذكر حين التجأنا إلى الصخرة، فإنى نسيت الحوت، وما أنسانى ذلك إلا الشيطان، ولا بد أن يكون الحوت قد اتخذ سبيله فى البحر، وإنى لأعجب من نسيانى هذا. 64- قال له موسى: إن هذا الذى حدث هو ما كنا نطلبه لحكمة أرادها الله، فرجعا فى الطريق الذى جاءا منه يتتبعان أثر سيرهما.