الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رِّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }

{ جزَاؤُهُم } على الإيمان والعمل الصالح.

{ عِندَ رَبِهِّمْ } متعلق بجزاءِ لأن المعنى مجزيهم أى الذين يجزون به عند ربهم وذكر لفظ الرب تأكيد بإضافته إليهم لأَن مدلوله التربية والإنعام، { جَنَّاتُ عَدْنٍ } أى إقامة والجنات كلهن جنات إقامة والجملة خبر ثان لأُولئك أو لأَن.

{ تَجْرِي مِن تْحِتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ } حال من جاءَ جزاؤهم وهو حال مقدرة.

{ فِيْهَا أبَداً } موحد للخلود وفى ذلك زيادة تحسين.

{ رَّضِيَ اللهُ عَنهُمْ } خبر آخر بالمدح زيادة على ثواب أعمالهم وهو أفضل من ثوابهم وإن كانت الجملة دعائية على التجوز عن القبول كانت مستأنفة لكن يضعف الدعاء بقوله:

{ وَرَضُوا عَنهُ } فإن إِخبار لا إنشاء والرضا فى الموضعين فى الدنيا إلاَّ أن رضى الله أزلى مستمر على الدنيا وما بعدها ورضاهم العمل بما أمرهم به، ويجوز أن يكون الاستئناف بيانياً والجملة إخبار كأَنه قيل مالهم بعد هذا الجزاء لأَن العامل فى الدنيا للناس قد يعطى أجرته فقط وقد يؤتى أجرته مع رفع درجة واتصال بعيد وإن كان رضاهم فى الآخرة فمعناه قناعتهم بما أعطاهم واعتقادهم أنه لا شىءَ فوق ذلك مما لا عين رأت ولا أُذن سمعت ولا خطر على قلب بشر والرضا بالله أن ترضى به رباً ومدبراً وبما أمر أو نهى والرضا عنه أن تعمل وقيل الرضا عنه أن ترضى بما قضى ودبر، قال السرى السقطى إذا لم ترض عن الله فكيف تطمع أن يرضى عنك.

{ ذَلِكَ } العالى الرتبة من الجزاء والرضوان.

{ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }.

خائفاً له خوف إجلال أو خوف عقاب أو كليهما، قال أبو خيثمة البدرى لما نزلت لم يكن الذين كفروا.. الخ قال جبريل يا رسول الله إن ربك يأمرك أن تقرأها أبياً فأخبره - صلى الله عليه وسلم - تعالى عليه وسلم فقال أبى أو ذكرت ثم يا رسول الله قال نعم فبكى فقرأها - صلى الله عليه وسلم - وقرأ فيها لو أن ابن آدم سأَل وادياً من مال فأُعطيه لسأل ثانيا ولو سأل ثانياً فأُعطيه سأَل ثالثاً لا يملأُ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ويتوب الله على من تاب وإن الدين عند الله الحنيفية غير الشرك ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل ذلك فلن يكفره قال أبن بن كعب كنا نرى هذا من القرآن لو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ثم يتوب الله على من تاب، حتى نزلت ألهاكم التكاثر وبكاؤه رضى الله عنه استصغار لنفسه وسرور بهذه النعمة وهى تخصيصه بالقراءَة عن الصحابة مع أنه ذكر باسمه وقيل خوف التقصير فى شكر هذه النعمة أو بكاؤه لذلك كله ويدل لفرحه بذكر اسمه قوله فى رواية هل ذكرنى الله تعالى باسمى قال نعم فبكى وخصت السورة لأنها مع وجازتها جامعة لقواعد مهمة، وحكمة الأَمر بالقراءَة تعليم التواضع للناس أن لا يتكبر أحد أن يقرأ عمن دونه وأيضاً أبى أسرع أخذا وحفظاً وضبطاً وتعليماً لغيره كما سمع فيؤدى مواضع الوقف والنغم وأيضاً يسن عرض القرآن على العالم الأَعلم ولو كان القراءَة هنا من الأَعلم وفى ذلك تفضيله فى الأداء كما فضل زيدا فى علم الإرث ولفظ البخارى أن ربى أمرنى أن أقرئك القرآن والله المستعان وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وشفعه فينا.