الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ } * { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ }

{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } إلى قوله تعالىما لم يعلم } [العلق: 5] وتأَخر ما بعد ذلك وذلك خمس آيات هن أول ما نزل وهن بمرة وشهر أنه غطه فى غار حراءِ حتى بلغ الجهد فقال اقرأ فقال ما أنا بقارىء ثم غطه كذلك وفى الثالثة غطه وشهر أنه بلغ الجهد فى الثالثة، وفى البخارى ومسلم أنه بلغ الجهد فى الثلاثة وقال اقرأ ولو كان أول ما نزل فاتحة الكتاب كما قيل لكان قوله ما أنا بقارىء كذباً وعناداً حاشاه عنهما ولو صح لقلنا إن الفاتحة أول ما نزل جملة أو أول ما نزل متتابعاً لم يفصله غيره أو أول ما نزل فى رسالته المتأخرة عن نبوته بثلاث سنين كما قال جابر بن زيد رضى الله عنه أول ما نزل اقرأ ثم يا أيها المزمل ثم يا أيها المدثر ثم الفاتحة وقيل يا أيها المدثر قبل يا أيها المزمل وأول ما بدىءَ من الوحى الرؤيا الصادقة كفلق الصبح وحبب إليه الخلاء بغار حراءِ يتزود إليه لأَيام وأوحى إليه فيه فرجع إلى خديجة رضى الله عنها يرجف فقال إنى خشيت على نفسى فقالت كلا إنك تصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقرى الضيف وتعين على نوائب الدهر فأَتت به ابن عمها ورقة بن نوفل بن أسد ابن عبد العزى كان كبير السن وعمى وتنصر وكتب من التوراة والإنجيل فقالت يا ابن عمى انظر ما يقول ابن أخيك فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما رأى فقال هذا مثل ما أوحى إلى موسى يا ليتنى كنت شاباً إذا أخرجك قومك، قال: أو مخرجى هم قال نعم ما أتى أحد بمثلما أتيته إلاَّ عودى وإن أدركتنى لأَنصرك نصراً شديداً، وفتر الوحى حتى حزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يذهب إلى الجبل ليلقى نفسه وكلما فعل قال له جبريل وهو فى صورته التى رآه عليها أنت رسول الله حقاً فيرجع، ومعنى يكسب المعدوم بضم الياءِ التحتية وضم الدال بعدها واو يجعل من لم يكن عنده شىءٍ كاسباً بأَن يعطيه، وانظر كيف يلقى نفسه من الجبل الجواب إنه يصير بصورة من يلقى نفسه فى العاقبة بحسب الظن لشدَّة ولهه ولما مضت ثلاث سنين بعد قصة حراء جاءَه جبريل بها فمجيئه " فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءَني بحراء جالس على كرسي بين السماءِ والأرض فرعبت فقلت زملوني " فأَنزل الله تعالىيا أيها المدثر قم فأَنذر } [المدثر: 1 -2] إلىفاهجر } [المدثر: 5] فالتزمل والتدثر فى قصة واحدة أعنى أنه تلقيت واحد المفعول محذوف أى اقرأ ما يوحى إليك من القرآن وباسم ربك متعلق بكون خاص محذوف أى مقترناً باسم ربك أو مستعيناً باسمِ ربك على تلقى الوحى أو مبتدئا باسم ربك أو ملتبسا باسم ربك وذلك عموم فى التذكير بأسماء الله بأَن يستصحبها وقيل المراد البسملة يقرأها أول كل سورة غير التوبة فعلى هذا نزلت هذه بلا بسملة ثم أنزلت أولها وأول كل سورة وقيل الباء صلة أى اقرأ باسم ربك، وعن عكرمة والحسن وأول ما نزل بسم الله الرحمن الرحيم وأول سورة اقرأ وليس قول جبريل فى حراء اقرأ تكليفاً بالمحال الذى لا يطاقَ لأَن المراد بقوله اقرأ استعد للقراءَة لما سأَلقيه عليك وهو قوله اقرأ باسم ربك والمراد اقرأ بلسانك لا ما قيل اقرأ هذا المكتوب مشيراً إلى كتابة فى نمط من ديباج فيه اقرأ باسم إلى ما لم يعلم كما قيل وإن صح فليس المراد اقرأ من الكتابة بل من لسانك وكذا لا دليل فيه على تأخير البيان عن وقت الخطاب المعبر عنه بوقت الحاجة لما علمت أن المراد استعد للقراءَة.

السابقالتالي
2