الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ } * { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } * { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ }

{ ولَلآخِرَةُ } الدار الآخرة وهى الجنة أو الحياة الآخرة وهى حياة ما بعد البعث لأنها توصل إلى دخول الجنة أو نفس حياة الجنة { خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُوْلَى وَلَسَوْفَ يُعْطيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى } المراد بالأولى الدار الأُولى وهى الدنيا أو الحياة الأُولى لعظم نعمها وكثرتها ودوامها وعدم تكدرها بشىءٍ وليست النبوءَة داخلة فى المقابلة ولو كانت مرتبة عظيمة وإن دخلت اعتبر ما لا تخلو عنه من تكدرها بالمعارضين وشدة تمشية أحكامها وكذا فضله على الأنبياء وسائر مزاياه وذكر له ذلك مع أنه لا رغبة له فى نعم الدنيا لأنه محتاج إليها بالضرورة ويدعو بالرزق قال - صلى الله عليه وسلم - " عرض علي ما يُفتح لأُمتي بعدي فسرني " فأَنزل الله تعالى وللآخرة خير لك من الأولى ويقال ما له فى الآخرة أفضل من جميع ما لغيره من جميع أهل الجنة وإن شئت فالتقابل بين النعم الدينية كنعمة النبوة والرسالة والشرف على الأَنبياءِ وإِنفاذ أمر الدين وذلك مكدر بهموم الدنيا وأحزانها وتعطيل المعطلين ولا بد أن ظهور شرفه فى الآخرة بالرسالة والرياسة على أهل المحشر من الأَنبياءِ وغيرهم والوسيلة وشرف أُمته على الأُمم وشهادتهم عليها ورفع درجتهم أشرف من الشرف الدينى المذكور الذى فى الدنيا، ويجوز أن يكون المراد بدأه أمره الدينيى فى الدنيا وآخره فيها فإنه ما زال يزداد قوة فى الدين وإنفاذاً له ولما قال الله تعالى: { ما ودعك ربك وما قلى } ، حصل له سرور فقال الله تعالى له مالك فى الآخرة أعظم من ذلك لأَن فيها إنفاذ ثمرة عدم التوديع والقلى، ويجوز أن يكون المعنى أن العزل عن النبوة لا يكون إلاَّ بالموت ولك بعد الموت ما هو أفضل والذى يعطيه الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - هو تكميل الدين وتقويته والفتوح فى عصره وبعده وكثرة المؤمنين وماله فى الآخرة من الكرامات، وقيل فتح مكة وغيره مما فى الدنيا، والعموم أولى وعن الجمهور أنه الشفاعة، وعن محمد بن الحنفية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال اشفع لأُمتى حتى ينادينى ربى أرضيت يا محمد فأقول نعم يا رب رضيت وأرجى آية: ولسوف يعطيك ربك فترضى، لا ما تقولون يا أهل العراق أرجى آية قوله تعالى:قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم.. } [الزمر: 53] الخ، وقيل أعم من الشفاعة وغيرها وعن على ألا أُنبئكم بأَرجى آية فى كتاب الله تعالى قالوا بلى، فقرأ قوله تعالىوما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } [الشورى: 30] فالمصائب بكسب الأوزار فإذا عاقبه الله فى الدنيا فالله أكرم من أن يعذبه ثانياً وإذا عفا عنه فى الدنيا فهو أكرم من أن يعذبه فى الآخرة، وعنه - صلى الله عليه وسلم -

السابقالتالي
2