الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

{ وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ } يعد ويصير { مَا يُنْفِقُ } يصرفه فى سبيل الله من نفقة وعلف ودابة وآلة القتال ومن زكاة وصدقة { مَغْرَماً } مصدر ميمى أَى غرماً أَى خسراناً لا يرجو له ثواباً، لأَنه لا يؤمن بالبعث، ولو آمن لم يطمئِن قلبه بالثواب لضعف إِيمانه فما ينفق إِلا رياءً أَو خوفاً من النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أَن يفعلوا بهم ما يفعلون بالمشركين ويذموهم، وهم بنو أسد وغطفان وذلك فى الآية مشعر بعدم الإِيمان، فاكتفى عن ذكره وكأَنه قيل: ومن الأَعراب من لا يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق مغرما، وقيل مغرماً من الغرم وهو نزول نائبة بالمال من غير جناية كما قيل لكل من المتداينين غريم { وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ } المصيبات التى نحيط بالشخص ولا يجد خلاصاً عنها كموت عام وغلبة سلطان كقيصر، وهرقل. يستريحون من الإِنفاق والأَسفار فى الغزو ومن الذل والخوف { عَلَيْهِمْ دَائِرَةَ السَّوْءِ } إِخبار من الله عز وجل بأَنه يصيبهم من السوءِ ما تمنوه على المؤمنين أَو نحوه، وينجو المؤمنون منه، أَو دعاءٌ بمعنى ادعوا عليهم بذلك أَو تَمنٍّ أَى ارغبوا فى حصول ذلك عليهم والله لا يدعو، إِنما يدعو العاجز المحتاج الذى الأَمر بيد غيره والله بخلاف ذلك. والدائرة اسم فاعل تغلبت عليه الاسمية أَو مصدر بوزن فاعل أَى يتربص بكم دوران المصائِب عليكم، والدائِرة تختص بالشر فإِضافتها للسوءِ مبالغة { وَاللهُ سَمِيعٌ } بما يقولون عند الإِنفاق سراً بينهم أَو فى انفراد مثل أَن يقولوا هذه غرامة أَوردها الله إِلينا من المؤمنين { عَلِيمٌ } بما أَضمروه، أَو سميع لأَقوال الخلق عليم بما يضمرونه عموماً فيدخل فيهم هؤلاءِ أَولا، قال ابن سيرين من قرأَ: ومن الأَعراب من يتخذ إِلخ فليقرأْ معها قوله تعالى:

{ وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ } كمزينة وجهينة وعبدالله ذى البجادين هو من مزينة، قيل نزلت فى أَسلم وغفار وجهينة، وقيل التى قبلها فى أَسد وغطفان وبنى تميم، وهذه فى ذى البجادين، وعن مجاهدهم بنو مقرن من مزينة، وقال الكلبى: أَسلم وغفار وجهينة، وفى البخارى ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أَرأَيتم إِن كان جهينة ومزينة وأَسلم وغفار خيراً من بنى تميم وبنى أَسد وبنى عبدالله بن غطفان، ومن بنى عامر بن صعصعة؟ " فقال رجل: خابوا وخسروا: قال: " نعم، هم خير من بنى تميم وبنى أَسد وبنى عبدالله بن غطفان ومن بنى عامر بن صعصعة " وفى رواية أَن الأَقرع بن حابس قال للنبى صلى الله عليه وسلم: إِنما تابعك سراق الحجيج من أَسلم وغفار ومزينة، وأَحسبه قال: وجهينة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2 3 4 5