الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } * { ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }

{ أَلَمْ يَعْلَمُوا } أَى المنافقون عموماً أَو المنافقون المذكورون فى قوله من عاهد الله. { أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ } أَى مسرورهم فى أَنفسهم بلا نطق { وَنَجْوَاهُمْ } أَى منجوهم فيما بينهم بنطق خفى، ومثله ما جهروا به حيث لا يسمع أحد فهما مصدران بمعنى مفعول، وذلك أَنهم أَسروا فى قلوبهم وفيما بينهم النفاق، والإِخلاف والطعن وتسمية الزكاة جزية أَو أَختها والتكذيب والفتك بالنبى صلى الله عليه وسلم { وَأَنَّ اللهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ } جمع للغيب الذى هو مصدر بمعنى غائب، هو علام لأَنواع ما غاب من خلقه فكيف يخفى عنه حال المنافقين، وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبة على صدقة بعد نزول آية الزكاة وشهرتها ومضى مدة، فجاءَ عبدالرحمن بن عوف رضى الله عنه بأَربعة آلاف درهم، فقال: كان لى ثمانية آلاف درهم، فأَقرضت ربى أَربعة وأَمسكت لعيالى أربعة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بارك الله لك فيما أَعطيت وفيما أَمسكت " ، فبارك الله له حتى صولحت إِحدى امرأَتيه على ثمانين أَلف درهم، فثمن ما له أَكثر من مائة أَلف درهم وستين أَلف درهم، كما يدل له المصافحة مبادرة، وقيل أَنه جاءَ إلى النبى صلى الله عليه وسلم بأَربعمائةِ أُوقية ذهباً، واسم تلك المرأَة تماضر، وقيل أَزواجه أَربع فصولحت تلك المرأَة عن ربع الثمن عن ثمانين أَلفاً، فثمن ماله أَكثر من ثلاث مائَة أَلف وعشرين أَلف درهم، وما بورك له به أَنه أَعتق ثلاثين أَلف رقبة، وأَوصى بخمسين أَلف دينار، وأَلف فرس فى سبيل الله، وأَوصى لكل واحد ممن بقى من أَهل بدر بأَربع مائة دينا والباقون مائَة رجل، وأَظن أَنه بورك له فى الآخرة بأَكثر من سبع مائة لكل حسنة، وجاءَ عاصم بن عدى بمائة وسق تمرا، والوسق ستون صاعاً أَو حمل بعير، وجاءَ أَبو عقيل الأَنصارى واسمه الحيحاب، وقيل سهل بن رافع بصاع تمراً. فقال: بت ليلتى أَجر بالجرير على صاعين فتركت صاعاً لعيالى وجئت بصاع، فأَمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن ينثره على الصدقات، والجرير الحبل يسقى به على بعيره أَو على ظهره من البئر لشجرهم ونخلهم أَو حرثهم، أَو يرفع به التراب بجرد به فى وعاءٍ، ثم رأَيت ما يعين الأَول وهو السقى، وهو لفظ البخارى ومسلم: بت ليلتى أجر بالجرير الماءَ حتى نلت صاعين فأَمسكت أَحدهما لعيالى إِلخ، فقال المنافقون: ما أَعطى عبد الرحمن وعاصم إِلا رياءً، وقد كان الله ورسوله غنيين عن صاع أَبى عقيل، ولكن أَحب أَن يذكره ليعطى من الصدقة، وقد قال صلى الله عليه وسلم خلاف قولهم: " أَفضل الصدقة جهد المقل "

السابقالتالي
2 3