الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ }

{ لاَ تَعْتَذِرُوا } فإِن اعتذاركم كاذب لا يقبل، وأَصل الاعتذار الدروس والقطع فإِن المعتذر يحاول زوال أَثر ذنبه، يقال: اعتذرت المنازل أَى درست والاعتذار سبب لقطع اللوم والقلفة عذرة لأَنها تقطع بالختن والبكارة عذرة لأَنها تقطع بالافتراع واعتذرت المياه انقطعت، ومن ذلك قول الشاعر:
حشاى أَنى مسلم معذور   
أَى مختون { قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } أَظهرتم كفركم فى ذلك الخوض وغيره بعد إِظهار الإِيمان، ولم يتحقق إِيمانهم قبل، وفى معنى ذلك قد كفرتم عند المؤمنين بعد كونكم عندهم مؤمنين، واللعب والجد فى أَمر الكفر سواءٌ { إِن نَّعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِّنْكُمْ } بالتوبة لتوفيق الله إِليها ومنهم مخشى بن حُمير (بضم الحاء وفتح الميم) تاب وحسن إِسلامه ومات شهيداً فى وقعة اليمامة، ويقال فخش بن حمير الأَشجعى، وهو من جملة من يخوض ويلعب. وقيل كان يضحك من كلام من يخوض ويلعب، ولكن الضحك عند المعصية بلا بغض لها رضى بها كفر إِن كانت كبيرة، وكان يمشى مجانباً لهم وينكر عليهم بعض ما يقولون، ولما نزلت الآية تاب من نفاقه وقال: اللهم إِنى لا أَزال أَسمع آية تقرأُ تقشعر منها الجلود وتخفق منها القلوب، اللهم اجعل وفاتى قتلا فى سبيلك ليعلم مقتلى لا يقول أَحد أَنى غسلته أَو كفنته أَو دفنته، فأُصيب يوم اليمامة ولم يعرف أَحد من المسلمين مصرعه وكأَنهم رأَوه ميتاً، ثم لم يرد أَو رجحوا موته لدعائه مع نصوح، توبته، ولو كان فى حكم المفقود ولا يعمل بهذه، والطائفة تطلق على القطعة من جملة فصدق على الواحد فصاعدا، قال مجاهد إِلى الأَلف، ويجوز أَن يراد بالعفو عن طائفة توفيقها للإِسلام دون أَن يتقدم لها نفاق. { نُعَذِّبْ طَائِفَةً } عذاب الدنيا والآخرة أَو عذاب الآخرة { بِأَنَّهُمْ } بسبب أَنهم { كَانُوا مُجْرِمِين } مصرين على النفاق، أَو مقدمين على الايذاء والاستهزاءِ، ويجوز أَن يراد بالعذاب عذاب الدنيا، وعذاب الآخرة لا بد منه لكن يعفو عن طائفة فلا تعذب فى الدنيا وتعذب طائفة، فالعفو ترك العذاب، ويقال هم ثلاثة اثنان يتكلمان بالسوءِ والثالث يضحك لكلامهما، وهو جحش بن حمير، وهو الذى تاب ومات شهيداً.