الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } * { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

{ إِنَّمَا النَّسِىءُ } مصدر بمعنى التأْخير لحرمة الشهر إلى آخر، أَوْ بمعنى مفعول أَى الشهر المؤخر، فيقدر إِنما زيادة النسىءِ أَو إِنما النسىءٌ ذو زيادة فى الكفر، والأَصل النسىءُ قلبت الهمزة ياءً وأُدغمت فيها الياءُ { زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ } إِذا جاءهم شهر حرام وهم فى الحرب، أَو أَرادوا إِنشاءَها فيه، أَحلوه وحرموا آخر مكانه، وقالوا: أُمرنا بتحريم أَربعة أشهر وقد وفينا بالأَربعة ولو لم تكن عين ذى القعدة وذى الحجة والمحرم ورجب، فضموا إِلى شركهم السابق كفراً آخر هو تحريم ما أَحل الله من الشهور، وإِحلال ما حرم منها، وأَعظم من ذلك قولهم إِن الله أَمرنا بذلك، وربما جعلوا السنة ثلاثة عشر شهرا، وذلك بجمع تلك الزيادات. { يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كفَرُوا } يزيدون به ضلالا واستعمل الفعل فى الزيادة، أو يقدر يضل ضلالاً آخر أو ضلالاً زائدا { يُحِلُّونَهُ عَاماً } أَى يحلون النسىءَ بمعنى المؤَخر أَو التأْخير، والأَول أَولى، لكن لا مانع من أَن يقال أَحلوا التأْخير أَو حرموه، والجملة مستأْنفة لبيان فعلهم أَو تفسير لقوله عز وجل يضل إِلخ أَو حال { وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً } كانوا يصعب عليهم ترك الحروب والغارات ثلاثة أشهر متوالية، فيحلون المحرم ويحرمون صفراً مكانه، يمكثون زمانا على ذلك ثم يردون التحريم إلى المحرم. ينادى مناديهم فى ذى الحجة، إذا اجتمعت العرب للموسم: أَن أَحلوه وحرموا مكانه شهراً آخر. وأَول من فعل ذلك نعيم بن ثعلبة من كنانة. إِذا هم الناس بالصدور من الموسم خطب وقال: لا مرد لما قضيت أَنا الذى لا أُعاب ولا أُخاب. فيقولون: لبيك فيسأَلونه تحريم القتال فى عامهم أَو تحليله. وقيل: أَول من فعل ذلك جنادة بن عوف الكنانى. بضم الجيم. وكان مطاعا فى الجاهلية، ينادى على جمل فى الموسم: إِن آلهتكم قد أَحلت لكم المحرم فأَحلوه، ومن قابل: إِن آلهتكم قد حرمت عليكم المحرم فحرموه، وتارة إِذا حرموا صفراً بدلا من المحرم أَحلوه وحرموا ربيعاً الأَول، وهكذا حتى يصلوا المحرم بالتحريم ويحجون فى كل شهر عامين، وحج الصديق فى السنة التاسعة فى ذى الفعدة، وحج صلى الله عليه وسلم من قابل، وقد وصلوا المحرم بالتحريم، فنادى فى منى: أَلا إِن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأَرض. ووافق ما على عهد إِبراهيم عليه السلام. ومن قبله يحل ويحرم فى قوله عز وجل " ليواطئوا " والأَولى تعليقها بما يعمها، أَى فعلوا ذلك ليواطئُوا، بل هذا متعين لأَن معنى يحرمونه يبقونه على تحريمه، فلا يعلل بقوله ليواطئوا، إِلا أَن يتكلف بجعل اللام فى معناها الحقيقى وهو التعليل. والمجازى وهو العاقبة، ولكن لا مانع من أنهم قصدوا تحريمه من أَنفسهم لإِبقائه، فتكون للتعليل فى الجانبين { لِيُوَاطِئُوا } يوافقوا بالتحليل { عِدَّةَ } عدد { مَا حَرَّمَ اللهُ } راعوا وجوب أَربعة ولم يراعوا أَعيانها التى فرض الله عز وجل { فَيُحِلُّوا مَا حرَّم اللَّهُ } من الأَشهر { زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ } زينها الله بمعنى خذلهم وخلق فيهم إِشتهاءَها وزينها الشيطان فرأَوها حسنة { وَاللهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } لا يوفق الأَشقياء.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7