الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }

{ قَاتِلُوا } يا محمد وأَصحابه { الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ } من أَول السورة إِلى هذا فى المشركين من العرب، واستأنف كلاماً فى اليهود والنصارى المشركين من أَهل الكتاب. نزلت الآية فغزا تبوك وصالحهم بمال يعطونه، وهم نصارى، وقال الكلبي: نزلت فى قتال قريظة والنضير وهم يهود فقاتلهم وأَعطوا الجزية، وهى أَول جزية فهذه ومال تبوك من فضله الذى يغنيهم به، وإِنما نفى عنهم الإِيمان لأَنهم لا يؤمنون بالنبى صلى الله عليه وسلم، وكفرت النصارى بأَنبياء اليهود واليهود بعيسى، واليهود يعتقدون أَن الله جسم وأَنه استوى على العرش استواء معقولا، ويقولون أَنه على صورة الإِنسان، وأَن عزير ابن الله، والنصارى يقولون بحلول الألوهية منه فى عيسى ومريم، وأَنهما إِلهان أَو هو ابن الله. ويقول النصارى: تبعث الأَرواح دون الأَجسام. ويقولون هم واليهود: لا أَكل ولا شرب فى الجنة ولا نكاح وذلك كله إِشراك ويقول اليهود لا يدخل الجنة إِلا اليهود، يعنون: لا يدخلها النصارى وهذه الأُمة. وتقول النصارى: لا يدخلها إِلا من كان نصارى، أَو لا تدخلها هذه الأمة واليهود. وقالت اليهود: لن تمسنا النار إِلا أَياماً معدودة، فإِِيمان من هؤلاء صفاته كلا إِيمان بالله واليوم الآخر، فإِن الإِيمان بالشئ على غير ما هو عليه غير إِيمان به، وإِنكار لله، { وَلاَ يُحرَّمُونَ مَا حَرَّم اللهُ ورسُولُهُ } كالخمر والخنزير والربا. ورسوله هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أَو الجنس، أَى كل لا يحرم ما حرم الله ورسوله، ولما جاءَ صلى الله عليه وسلم خالفوه، ويجوز أَن يراد برسول الله ما يشمل رسلهم، وسيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم. والوجهان لا يليقان بالسياق، قيل: ولا سيما باللحاق، فإِن ما قبل هذا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله { وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ } فيه أَيضاً، وفيه أَن هذا ظاهر فى عموم الحق قبله صلى الله عليه وسلم ومعه صلى الله عليه وسلم، والحق الصواب عند الله، وقيل: الحق لله، وقيل: المراد دين أَهل الحق، وقيل: الدين الطاعة والحق الله، ويجوز أَن يراد بالحق الثابت والإِضافة للبيان، أَى ديننا هو الثابت الذى لا ينسخه دين، وإِما أَن يراد دينهم الحق الذى جاءَ به أَنبياؤهم وديننا، ففيه إِنما نقاتلهم على مخالفة ديننا لا على مخالفة دين نبيهم، نعم نبيهم يأْمرهم بالإِيمان بنبينا صلى الله عليه وسلم { مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } اليهود والنصارى والصابئون داخلون فى اليهود والنصارى، وكذا السامرية، وذلك بيان للذين لا يؤمنون { حَتَّى يُعْطُوا } يعطوكم { الْجِزْيَةَ } من أَنفسهم بالإِذعان لها، وليس إِحضارها فتقبض فإِنها تعطى آخر العام، وقيل: أَول العام التالى لعام عقدها. وابتداء العام حين عقدت، والجزية فعلة للهيئة من جزى إِذا قضى ما عليه، ويقال: جزى دينه إِذا قضاه، ومنه لا تجزى نفس عن نفس شيئاً.

السابقالتالي
2 3