الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ يَتُوبُ ٱللَّهُ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ } بالتوفيق للإِسلام { مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ } منهم، والتعذيب بالأَسر والإِيجاع والجروح لا ينافى التوفيق. وتوبة الله تطلق على التوفيق وعلى قبول توبة العاصى { وَاللهُ غَفُورٌ } لمن تاب { رَحِيمٌ } له بالجنة وما دونها. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } ناداهم ليتحفظوا على ما يذكر من الحكم بعد النداء { إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ } مصدر أَى ذوو نجس، أَو وصف فيكون على التشبيه، أَى كنجس أَى كشئ نجس كحسن الشئ فهو حسن، فهم كالعذرة والبول فى النجاسة، أَو أَفرد على أَن أَصله مصدر بلا تشبيه كعدل، والآية شاملة لأَهل الكتاب، وقيل: بطهارة بلل أَهل الكتاب إِلا ما ينجس من غيرهم إِن أَعطوا الجزية، وقيل ولو لم يعطوها، وقيل: بكراهتها، وعن ابن عباس: أَبدان المشركين نجسة كالكلب والخنزير ولو غسلوا، وقيل نجسة لأَنهم لا يجتنبون الأَنجاس ففيه الحكم بالغالب، فلو غسلوا أَو جانبوا النجاسة لكانوا طاهرين كالدجاجة لما غلب أَكلها الأَنجاس حكم بنجاستها حتى تحبس ثلاثة أَيام، وقيل: لا ينجس من المشرك ولو غير كتابى أَو كتابيا محارباً إِلا ما ينجس من غيره، وإِن الآية فى خستهم بالشرك سماها نجساً، وهو مذهب جمهور قومنا فيجنبون كما تجنب الأَنجاس، وعن الحسن بن صالح والزيدية من الشيعة: من صافح مشركاً توضأَ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صافح مشركاً فليتوضأ أَو ليغسل كفه " ، وأَو منه صلى الله عليه وسلم للتخيير، واختار التوضأ وهو بعد غسل الكف، وروى أَن جبريل استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فناوله يده فلم يقبلها، فقال: يا جبرائيل ما منعك أَن تأخذ بيدى. فقال: إِنك أَخذت بيد يهودى فكرهت أَن تمس يدى يداً قد مستها يد كافر، فدعا صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأَ فناوله يده فتناولها. والآية فى حصر المشركين فى النجس حصر موصوف على صفة حصراً إِضافياً منظوراً فيه إِلى الطهر، أَى هم نجسون لا طاهرون. ووهم الفخر إِذ قال: المعنى لا نجس من الناس إِلا مشرك، وإِنما ذلك لو قال: إِنما النجس المشركون { فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ } نهى عن قربه تأْكيدًا فى النهى عن دخوله، وكذا سائر مساجد الإِسلام قياساً عليه، ولأَنه إِمامها، أَى لا تتركوهم للدخول لخبثهم بالشرك وبالنجاسة، ولا يدخل المشرك مسجداً من مساجد المسلمين ولو ذمياً يعطى الجزية، ولو غسل النجس والثياب. قال بعض: إِلا بإِذن له فى دخول مسجدنا، ولا مسجد قومنا، ولا يحل أَن تتركوهم يدخلون مسجدنا ولا مسجد قومنا أَو قرب المسجد الحرام دخول الحرم، فإِن أَرسلوا للإِمام أَرسل إِليهم رسولا إِلى خارج الحرم، أَو خرج إِليهم، وإِن دفن مشرك فى الحرم قلع إِلى الحل ولو ذمياً أَو معاهداً، وأَجاز أَبو حنيفة وأَهل الكوفة دخول المعاهد والذمى الحرم، ويدخل المشرك الحجاز لأَمر كتجر بالإِذن ولا يقيم أَكثر من ثلاثة أَيام، وعزم صلى الله عليه وسلم على إِجلاء اليهود والنصارى من جزيرة العرب، ومات قبل إِجلائه، وفى مسلم عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2