الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } * { لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ }

{ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاءُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ } أَقرباؤكم، مأخوذ من العشرة لأَنها جماعة ترجع إِلى العقد عشرة فصاعدا وهى كاملة، والعشرة عقد كامل، ويجوز أَن يكون من معنى المعاشرة فيصدق ولو على أَقل من عشرة، وقيل: العشيرة الأَهل الأَدنون، وقيل: القرابة الذين يكثر بهم ولو أَقل من عشرة، { وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا } اكتسبتموها { وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا } عدم أَن تسام أَو تساوم بنجس { وَمَسَاكِنَ تَرْضَوْنَهَا } حسنة معجبة لكم لم تسمح نفوسكم بفراقها { أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ ورَسُولِهِ } فلم تتركوهم لأَجل الله، أَو رجعتم إِلى مكة مرتدين { وَجِهَادٍ فِى سَبِيلِهِ } قال صلى الله عليه وسلم: " لا يطعم أَحدكم طعم الإِيمان حتى يحب فى الله تعالى، ويبغض فى الله تعالى " حتى يحب فى الله سبحانه أَبعد الناس، ويبغض فى الله عز وجل أَقرب الناس { فَتَرَبَّصُوا } تمهلوا، وهو أَمر تهديد كقوله عز وجلومن شاءَ فليكفر } [الكهف: 29] أَى ابقوا على الكفر، ولا حاجة إِلى تضمين معنى انتظر، وتقدير المفعول أَى: انتظروا عذاب الله، وقد أَغنى عن ذلك قوله تعالى { حَتَّى يَأْتِىَ اللهُ بِأَمْرِهِ } أَى عذابه عاجلا أَو آجلا، دنيويا أَو أُخرويا، أَو فتح مكة كما هو رواية عن ابن عباس ومجاهد، وفيه أَن السورة بعد فتحها إِلا على ما مر من أَن أَولها قبله، أَو الآية قبله، وقل من لا يختار هؤلاءِ عند الله ورسوله، وقل من يختار ما لله عما له { وَاللهُ لاَ يَهْدِى الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } هذا وعيد ثان لمن استمر على اختيار ذلك عن الله ورسوله وجهاد فى سبيله، والأَول " تربصوا حتى يأتى الله بأَمره " فتبين أَن المراد بالحب الحب الذى يتسبب فى حصوله أَو الاسترسال فيما كان منه بالطبع دون علاج انتفائه، ومطلق الحب طبيعى، وإِنما يعاقب على الكسبى بتعاطى أَسباب حصوله أَو الاسترسال فى الطبيعى، وسلاهم عن مفارقة من صعبت عليهم مفارقته وذكرهم نعمه بقوله:

{ لَقَدْ نَصَرَكُمْ اللهُ } على أَعدائكم { فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ } فى ثمانين غزوة، حضر صلى الله عليه وسلم بعضها دون بعض، ومن عد أَقل من الثمانين اقتصر على المشاهير كغزوة بدر وغزوة أُحد، وغزوة قريظة وغزوة النضير وفتح مكة. نذر المتوكل بمال كثير إِن شفاه الله تعالى، فشفاه فسأَل العلماءَ عن الكثير فاختلفوا عليه فقيل: اسأَل أَبا الحسن على بن محمد بن على بن محمد بن على بن موسى الكاظم، وهو من ذرية على وفاطمة، وهو محبوس فى داره، فكتب إِليه فأَجابه فى كتاب بأَن يتصدق بثمانين درهما، ثم سأَلوه عن وجه ذلك، فقال: عددنا تلك المواطن فبلغت ثمانين، والمراد ما يشمل السرايا والبعوث، وقيل: جميع ذلك سبعون، وفى البخارى ومسلم من حديث زيد بن أَرقم: كانت غزواته صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، زاد بريدة فى حديثه: قاتل فى ثمان منها.

السابقالتالي
2 3 4