الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ }

{ وَإِذَ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ } ما بعد إِذا الظرفية لتأْكيد الربط لا لتزيين اللفظ كما توهم بعض، وإِنما ذلك فى الفاءِ قبل إِذا الفجائِية وقط فى قوله، والمراد بالسورة هنا بعض آيات السورة أى وإِذا ما نزلت بعض الآيات تمت السورة أَو لم تتم، وليس المنافقون حاضرين لنزولها، وليس فى الآية فضيحة لهم لأَن هذا مقابل لقوله: { وإِذا ما نزلت سورة } إِلخ فإِنه فى حضورهم النزول وفضيحتهم، ولكن لا بأَس بحمل هذه على العموم { فَمِنْهُمْ } من المنافقين { مَن يَّقُولُ } على الاستهزاءِ لأَصحابه أَو لضعفاءِ المؤمنين { أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ } السورة أَى هذه الآيات أَو الآية أَو الآيتان، وزيادة إِيمان المنافقين باعتبار أَن ظاهرهم إِيمان وإِلا فلا إِيمان لهم { إِيماناً } تصديقاً، وذلك استهزاء أَو نفى لأَن تكون زادت إِيمانا. ورد الله عليهم بقوله: { فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا } ولم ينافقوا { فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً } الإِيمان يزداد وينقص إِجماعاً، إِذا كان بمعنى الأَعمال الصالحات، وبزيادة النزول، وأَما إِذا كان بمعنى التصديق فالصحيح أَنه يزداد بازدياد أَدلته والتفكر فيها، ولا شك أَن معرفة الشىءِ بدليلين أَقْوَى منها بدليل، وينقص بالإِعراض { وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } بنزولها لموافقة ما قبلها وموافقة اعتقادهم السابق فى غيرها، ولزيادة كمال قواهم النظرية وزيادة القوة العملية بالعلم، وارتفاع درجاتهم:

{ وَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } نفاق، مقتضى الظاهر وأَما هم أَو وأَما هؤلاءِ أَعنى القائِلين: أَيكم زادته، ولكن ذكر ما يصرح بكفرهم ويعمهم ويعم غيرهم ليدل على العلة، فإِن الكفر يجلب كفراً آخر، وليكون الكلام كالبرهان بأَنه قد زادت غيرهم ومن هو مثلهم رجساً { فَزَادَتْهُمْ رِجْساً } كفرا منضماً { إِلَى رِجْسِهِمْ } كفرهم السابق بغيرها، كلما نزلت آية وسمعوها كفروا بها فذلك زيادة كفر، وتزداد قلوبهم قسوة بالكفر المزداد، فكانوا يستهزئون، وسمى الكفر رجساً تشبيها بالشىءِ المستقذر { وَمَاتُوا } برهان بمن مات وإِن أُريد الأَحياء خصوصاً فمعناه يموتون بعد { وَهُمْ كَافِرُونَ } لا غير كافرين، وكأَنهم قد ماتوا كافرين ليتحقق أَنهم يموتون كافرين.