الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ }

{ مَا كَانَ لِلنَّبِىِّ } أَى نبى كان فأَلْ للجنس كما يدل له وما كان استغفار إِبراهيم إِلخ، فإِنه رد للنقض بمن تقدم فيدخل النبى محمد صلى الله عليه وسلم بالأَولى، أَو هو مراد ولو كان من قبله كذلك، ويدل له ما روى كثير منهم البخارى ومسلم أَنه لما احتضر أَبو طالب قال صلى الله عليه وسلم: " أَى عم قل كلمة أَحاج بها عند الله " وقال له أَبو جهل وعبدالله بن أَبى أُمية: يا أَبا طالب، أَترغب عن ملة عبدالمطلب؟ فأَعاد صلى الله عليه وسلم وأَعاد أَبو جهل وعبداله فقالا: إِنه على ملة الأَشياخ. فقال صلى الله عليه وسلم: " لا أَزال أَستغفر لك ما لم أَنه عنه " فنزلت الآية، أَى والتى بعدها، وفى رواية: " قل لا إِله إِلا الله كلمة أَحاج لك بها " ، والمراد مع قول محمد رسول الله، وسبب الاختصار أَنهم أَهل أَصنام، فإِذا قالوا لا إِله إِلا الله فقد صدقوا بأَنه رسول الله آتٍ لرفض الأَصنام. وروى أَنه مات فأَخبر علىٌّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى، فقال: اذهب فاغسله وكفنه وواره، غفر الله له ورحمه. وفعلت، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياماً ولا يخرج من بيته حتى نزل { ما كان للنبى } وروى أَنه لما احتضر وأَلح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإِيمان قال: لولا خوف السب عليك وعلى بنى أَبيك من بعدى وأَن تتهمنى قريش بالجزع من الموت لقلتها ولا أَقولها إِلا لأَسرك بها، وضعف ما روى عن العباس أَنه أَصغى إِلى أَبى طالب بأُذنه وهو يحرك شفتيه فقال: يا ابن أَخى لقد قالها، فقال صلى الله عيه وسلم: " لم أَسمع " ولما كان صلى الله عليه وسلم يستغفر لأَبى طالب، استغفر المؤمنون لموتاهم حتى نزلت الآية، وروى أَنه زار أُمه بالأَبواءِ حين رجع من فتح مكة وقام باكياً فقال: " إِنى استأْذنت ربى فى زيارة قبر أُمى فأَذن لى، واستأْذنت فى الاستغفار لها فلم يأْذن لى، وأَنزل على: ما كان للنبى " ، حتى قرأَ لأَواه حليم، والأَبواءُ جبل بين مكة والمدينة، وعنده بلدة ـ بفتح الهمزة وبالمد. وعن أَبى هريرة: أَتى صلى الله عليه وسلم قبر أُمه فبكى وأَبكى من حوله، فقال " أَذن لى ربى فى زيارة قبر أُمى هذا، ولم يأْذن لى فى الاستغفار لها " ، وعن ابن مسعود أَن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أَتى المقابر فناجى قبراً مدة طويله ثم بكى فبكينا لبكائِه، فصلى ركعتين فدعا عمر ودعانا فقال: " ما أَبكاكم؟ "

السابقالتالي
2