الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ وَٱلْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ فَٱسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { ٱلتَّائِبُونَ ٱلْعَابِدُونَ ٱلْحَامِدُونَ ٱلسَّائِحُونَ ٱلرَّاكِعُونَ ٱلسَّاجِدونَ ٱلآمِرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ وَٱلْحَافِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الجَنَّةَ } شبه بذلهم أَنفسهم فى الجهاد على رجاءِ الثواب ببيع الشىءِ وقبوله، وإِعطاءِ الجنة على ذلك بالشراء على الاستعارة التمثيلية لا المفردة التبعية إِلا أَنه قال بأَن لهم الجنة ولم يقل بالجنة لأَنه أَبلغ فى وصول الثمن واختصاصه بهم، ولم يقل باع لهم الجنة بأَنفسهم وأَموالهم، لأَن المقصود فى العقد الجنة والأَنفس والأَموال وسيلة إِليها ففى ذلك كمال العناية بأَنفسهم وأَموالهم، وذلك كناية للإِقراض إِليه فإِن كل شىءٍ مملوك لله عز وجل، وفى الاية استعارة تمثيلية، قال عبدالله بن رواحة فى العقبة من سبعين رجلا: " اشترط لربك ولنفسك ما شئت، قال أَشترط لربى أَن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأَشترط لنفسى أَن تمنعونى مما تمنعون منه أَنفسكم وأَموالكم. قال: إِذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال: الجنة. قال: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل. فنزل { إِن الله اشترى } الآية " ، والعقبة الثانية لقيه فيها اثنا عشر بايعوه بيعة النساءِ لا نشرك بالله شيئاً ولا نسرق ولا نزنى ولا نقتل أَولادنا ولا نأْتى بهتانا ولا نعصى فى معروف، وبايعوا فى العقبة الأُولى ستة حضروا بأَنفسهم مع ستة أُخرى فى الثانية إِلا جابر بن عبدالله بن رياب رضى الله عنه لم يحضر فى الثانية، وقال ابن إِسحاق فى الثالثة ثلاثة وسبعون، وبسطت هذا فى الهميان وغيره، وبين البيع بقوله { يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } لأَن بذل أَنفسهم لله هو البيع لا الشراءُ، وإِن شئْت فقل بيان للشراءِ أَيضاً لأَن بيان البيع للشراءِ وبالعكس، وفى ذكر القتال ذكر لإِنفاق المال، لأَنه بالمال ذهابا ومباشرة ورجوعاً، وفى ذلك شمول من لم يتفق له القتال لعيره، وقد قصده، وشمول من لم يتفق أَنه مقتول فإِن القتال المدافعة وقعت القاتلية أَو المقتولية أَولا، وقيل: يقاتلون أَمر فى صورة الإِخبار، ولا دليل عليه ولا يناسبه ما بعده بخلاف تجاهدون فإِن جزم يغفر فى جوابه يدل أَنه أَمر، والمقتولية إِن كانت إِخباراً نافرت وإِن كانت أَمراً فإِنه لا يعتاد أَن يأْمرهم الله بأَن يكونوا مقتولين ثم إِن بعضاً قاتل مقتول بعد أَو غير مقتول، وبعض مقتول غير قاتل، والآية على التوزيع، وأَيضاً فعل البعض أَو صفته قد يسند إِلى الكل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من غازية تغزو فى سبيل الله فيصيبون الغنيمة إِلا تعجلوا ثلثى أَجرهم من الآخرة ويبقى لهم الثلث، وإِن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أَجرهم " ،وفى رواية " إِن مات فى الغزو تم أَجره أَى ولو غنم أَو مات بلا قتل " قلت إِنما ينقص ثلثاً الأَجر إِن نوى الجهاد للتقرب إِلى الله تعالى وللغنيمة، وإِن لم ينو الغنيمة تم له الأَجر وإِن نواها وحدها فلا شىءَ له فى الآخرة، وفى صحيح البخارى ومسلم:

السابقالتالي
2 3 4