الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ }

{ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً } للصلاة ولا لغيرها، أَى لا تمكث فهي ولا تدخله، وعن ابن عباس: لا تقم لا تصل، وإِن القيام بمعنى الصلاة، بنى قبل غزوة تبوك، فقالوا: صل لنا فيه ليكون مسجداً كما كنا نصلى فى قباءَ، فقال: " أَنا على سفر وإِذا قدمت صليت فيه إِن شاءَ الله " ، ولما قدم كرروا الطلب فأَراد إِتيانه فنزلت الآيةوالذين اتخذوا } [التوبة: 107] وقوله { لا تقم فيه أبداً } فدعا بمالك بن الدخشم ومعن بن عدى وعامر بن السكن ووحشى فقال: " انطلقوا إِلى المسجد الظالم أَهله فاهدموه وحرقوه " ، فخرجوا مسرعين حتى أَتوا بنى سالم بن عوف رهط مالك بن الدخشم، فقال: أَنظرونى حتى أَخرج لكم بنار، فخرج من أَهله بشعلة من سعف وأَسرعوا بها حتى دخلوا المسجد، وفيه أَهله فأَحرقوه وهدموه وتفرق أَهله عنه، وأَمر صلى الله عليه وسلم أَن يتخذ كناسة تلقى فيه الجيف والنتن والقمامة، وروى أَنه لما نزل بذى أَوان موضع قريب من المدينة، بينه وبين المدينة ساعة راجعاً من تبوك سأَلوه أَن يأْتيه فدعا بقميصه ليلبسه فيأْتيهم فنزلت الآية. وقيل: قال له جبريل: لا تقم فيه أَبداً. فأَمر بهدمه وإِحراقه. قال عطاءُ: لما فتح الله عز وجل الأَمصار على عمر أَمر المسلمين أَن يبنوا المساجد، وأَن لا يبنوا فى موضع واحد مسجدين يضار أحدهما الآخر، وأَمر أَن يهدم كل مسجد حادث ضار الآخر. { لمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى } بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أُسه أَى أصله على التقوى أَى شبه التقوى بنحو صخرة فى تمسك ما وضع عليه، وأَسس تخييل، أُو على للاستعلاء المجازى والاستعارى التبعى أَو للتعليل والثانى أَولى واللام للابتداء لا غيره، ومن العجيب أَن بعض المحققين كلما رأَى لام ابتداءِ أَجاز أَنه لام فى جواب قسم مقدر، ولو لم يكن دليل على تقديره سوى أَن المعنى قابل له، وروى أَن بنى عمرو بن عوف الذين بنوا مسجد قباءَ أَتوا عمر بن الخطاب فسأَلوه أَن يأْذن لمجمع بن جارية أَن يؤَمهم فيه، فقال: لا أَو ليس هو إِمام مسجد الضرار؟ قال: يا أَمير المؤمنين لا تعجل فوالله لقد صليت فيه وأَنا لا أَعلم ما أَضمروا، ولو علمت ما صليت فيه، وكنت غلاماً قارئاً للقرآن، وكانوا شيوخاً لا يقرأون. فعذره عمر فأَباح له الإِمامة فى مسجد قباءَ { مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ } من يوم أَول أَو من أَول وقت، والآية حجة على مجىءِ من لابتداءِ الزمان وله أَدلة كثيرة، وأَخطأَ البصريون فى منع ذلك، وتأْويل كل ما ورد من ذلك بغير الزمان مثل أَن يقدر من تأْسيس أَول يوم مع أَنه لو صرح بتأْسيس لكان الزمان به أَولى لكثرة المصدر بمعنى الزمان، كجئْت طلوع الشمس، وقلته فى المكان كجلست قرب زيد، قال أَبو سعيد الخدرى: سأَلت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا المسجد فأَخذ كفَّا من حصباءَ فضرب به الأرض، فقال:

السابقالتالي
2 3