الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَٰوتَك سَكَنٌ لَّهُمْ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَقُلِ ٱعْمَلُواْ فَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

{ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ } بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك، ولم يعتذروا بأَعذار كاذبة قبل خروجه ولا بعد رجوعه، كما أَنه لا عذر لهم صادق يعتذرون به وهم طائِفة من المتخلفين وآخرون مبتدأٌ واعترفوا نعته، الخبر خلطوا أَو هما خبران { خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً } كاعترافهم بالذنب خصوصا وجهادهم السابق وأَعمالهم السابقة { وَآخَرَ سَيِّئاً } كتخلفهم من غزوة تبوك وكونه يوافق المنافقين وهم مؤمنون مخلصون فى توحيدهم لكن كسلوا، وقيل: نافقوا وتابوا وقيل الآية فى جميع المؤمنين وجميع أَعمال البر والسوءِ: والواو عاطفة فيصدق الخلط هذا بذاك وعلى خلط ذاك بهذا أَو على خلطهما دفعة، ولو جعلت معية لم يصح إِلا لمعنى واحد، والأَصل فى الواو العطف، وأَيضا لا حاجة للمعية مع قوله خلطوا وهذه الواو كالباءِ التى للإِلصاق، وخلطت الماءَ واللبن وخلطت الماء باللبن سواءٌ، إِلا أَن مدخول الباءِ يعتبر مقصودا ثانيا تقصد الماءَ أَولا ويجعل مخلوطا باللبن، كذا قيل، وحقق بعض أَن الكل سواءٌ، وقال السكاكى: التقدير خلطوا عملا صالحا بسىء وآخر سيئا بصالح، ويقال فى الآية احتباك { عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ } أَى يقبل توبتهم التى وفقهم الله إِليها فاعترفوا بذنوبهم وعسى من الله إِثبات ووعد إِجماعا ونكتة التعبير بها أَو بلعل التلويح بأَنه لا واجب عليه عز وجل والتحذير أَن يتكل عامل على عمله { إِنَّ اللهَ غَفُورٌ } للذنوب { رَحِيمٌ } بالجناة وأَشباههم وهؤلاءِ المعترفون أَوثقوا أَنفسهم على سوارى المسجد لما بلغهم ما نزل فى المنافقين فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد على عادته فى الرجوع من السفر فصلى ركعتين فرآهم، فسأَل عنهم فذكر له أَنهم أَقسموا أَن لا يحلوا أَنفسهم حتى تحلهم، فقال: " وأَنا أُقسم أَن لا أَحلهم ولا أَعذريهم حتى أُومر فيهم، رغبوا عنى وعن الغزوة مع المسلمين فنزل قوله تعالى: { وآخرون اعترفوا } إِلخ فأَطلقهم " ، وهم: أَبو لبابة رفاعة بن المنذر وجماعة معه وهو من أَهل الصفة، والجملة عشرة أَو ثمانية أَو خمسة أَو ثلاثة: أَبو لبابة وأَوس بن ثعلبة ووديعة بن حرام أَقوال، وفى جميعها أَبو لبابة معهم، ويقال: لما قرب فى رجوعه من تبوك ندموا وربطوا أَنفسهم فى سوارى المسجد، وقيل: ربط نفسه اثنتى عشرة ليلة فى سلسلة ثقيلة تحله بنته أَوقات الصلاة وقضاءِ الحاجة ثم تربطه، وربط نفسه مرة أُخرى سبعة أَيام، وحلف لا يأْكل ولا يشرب حتى يحله صلى الله عليه وسلم فصار يغشى عليه من الجوع، ولما نزلت توبته حله بيده صلى الله عليه وسلم، ولما تاب الله عليهم قالوا: هذه أَموالنا التى تخلفنا بسببها فتصدق بها وطهرنا، فقال: " ما أُمرت أَن آخذ من أَموالكم شيئاً، فنزل قوله تعالى:

{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ } "

السابقالتالي
2 3 4