الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ }

{ وَإِذْ } واذكر إِذ { يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ } بوحى جبريل إِليه صلى الله عليه وسلم إِجمالا فيهما، أَبى جهل ومن نفر معه من مكة، والعير الآتية من الشام لقريش من تجارتهم وما فيها إِلا أَربعون رجلا رئيسهم أَبو سفيان ومعه عمرو بن العاص ومخرمة بن نوفل { أَنَّهَا لَكُمْ } بدل اشتمال من إِحدى { وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } الشوكة البأس والسلاح مستعار من واحدة الشوك. شبه حدة الرمح ونصل السهم بحدة شوك النبات كشوك النخلة، وشجر الطلح، وذات الشوكة أَبو جهل وأَصحابه، النافرون من مكة وغيرها غير الشام، ولم يذكر ذلك بحصر لأَنهم ما قالوا لا نقصد إِلا غير ذات الشوكة، بل قالوا نقصدها، ولو كان المراد ترك ذات الشوكة، ولما قالوا ذلك غضب صلى الله عليه وسلم، وأَيضا لما فرغوا قيل له: عليك بالعير. فناداه العباس وهو فى وثاقه: لا يصلح لك ذلك، فقال: لم؟ فقال: لأَن الله وعدك إِحدى الطائفتين - سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم أَو من الصحابة - وقد نجت إِلى طريق الساحل. روى أَنه صلى الله عليه وسلم خرج ليأخذ عير أَبى سفيان وأَصحابه القافلة من الشام، فأَخبر أَبا سفيان بعض أَهل البدو، أَو المسافرون، فأَخذ طريق الساحل، واستأجر ضمضم الغفارى ليذهب إِلى أَهل مكة فجاءُوا، وقد نجت بأَخذ طريق الساحل، ساحل البحر، وترك الطريق المعهود، فقيل لأَبى جهل: ارجع، إِذ نجت، فأَبى، وقال له أَبو سفيان: ارجع وعلىَّ عيب الرجوع فأَبى. وكذا قال له غيره، وأَبى، وسار ليسمع الناس أَنه مضى إِلى بدر ويشرب فيها، وليقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جاءَه، وشاور رسول الله صلى الله عليه وسلم أَصحابه، وقال: إِن الله وعدنى إِحدى الطائفتين فوافقوه على قتال النفير، وكره بعضهم ذلك، وقال: لم نستعد له، وذلك بوادى دقران - بفتح الدال فإِسكان القاف - قريب من الصفراءِ، وغضب صلى الله عليه وسلم، وقال: إِن العير مضت على ساحل البحر، وهذا أَبو جهل قد أَقبل، فأَحسن أَبو بكر ثم عمر القول بالإِجابة إِلى القتال، ثم قال سعد بن عبادة: انظر أَمرك فامض فيه، فوالله لو سرت إِلى عدن ما تخلف عنك رجل من الأَنصار، ثم قال المقداد بن عمرو، وهو المقداد بن الأَسود: امض كما أَمرك الله، فإِنا معك حيثما أَحببت، لا نقول لك كما قالت بنو إِسرائيل لموسى " اذهب أَنت وربك فقاتلا إِنا هاهنا قاعدون " ولكن: اذهب أَنت وربك فقاتلا إِنا معكما مقاتلون. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أَشيروا علىَّ أَيها الناس - يريد الأَنصار - وقد شرطوا حين بايعوه بالعقبة أَنهم برءَاء من ذمامه حتى يصل إِلى ديارهم، فتخوف أَلاَّ يروا نصرته إِلا على عدو هجم عليه بالمدينة - فقام سعد بن معاذ فقال: كأَنك تريدنا يا رسول الله، قال: أَجل.

السابقالتالي
2 3