الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

{ لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ } نعتان لكتاب، ويجوز على الصحيح كون { سبق } خبر إِلا أَنه كون خاص من الله متعلق به، أَى سبق بأَلا يمسكم عذاب فى هذا الفداء والأَسر وغيرهما، والكتاب الحكم، سبق فى علم الله وفى اللوح المحفوظ، أَو سبق لا يؤاخذ المجتهد فى خطئه، أَو أَلا يعذب أَهل بدر، بمعنى التوفيق إِلى التوبة، لا بمعنى إِسقاط التكليف عنهم، أَو أَلا يعذبكم، لأَنه لم يصرح لكم بالنهى عن الفداءِ، أَو أَن لا يعذبهم وأَنت فيهم، أَو أَن الفداءَ سيحل لهم، وفيه أَن ما سيحل لهم باق على التحريم حتى يحل، وأَما من وطئَ زوجه يظنها غيرها فليس كذلك لأَنها حلال فى حينه، ولو عصى أَو كفر بنيته، وأَما الفداء فحرام فى حينهم حتى ينزل حله بعد، وفيه أَيضا أَنه معطل للتخويف فى الآية، وقد يجاب بأَن المعنى: سبق من الله العفو عنكم فضلا لسبب أَنه سيحله، وقد تجمع تلك الأَوجه كلها، أَو أَن رحمتى سبقت غضبى { لَمَسَّكُمْ فِيمَا } بسبب ما { أَخَذْتُمْ } من الفداءِ { عَذَابٌ عَظِيمٌ } فى الدنيا عقاباً وتكفيرًا، قال صلى الله عليه وسلم: " لو نزل العذاب لما نجا منه إِلا عمر وسعد ابن معاذ " ، لأَنهما لم يقبلا الفداءَ، وغيرهما قبله، أَتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعين أَسيرا فاستشار فيهم، فقال الصديق رضى الله عنه: قومك وأَهلك لعلهم يتوبون، وخذ منهم فدية تقوى بها أَصحابك على العدو، أَى هم قومك، أَو ارحم قومك، وقال عمر رضى الله عنه: اقتلهم فإِنهم أَئمة الكفر، كذبوك وأَخرجوك وقد أَغناك الله عن فدائهم، ومكِّنى من نسيبى فلان، ومكِّن عليا من أَخيه عقيل، وحمزة من أَخيه العباس، وقال ابن رواحة: اضرم عليهم نارا فى واد كثير الحطب، فقال العباس: قطعت رحمك. وكره صلى الله عليه وسلم قوله فدخل. فقيل: يأخذ بقول الصديق، وقيل: يأخذ بقول عمر، وقيل: بقول ابن رواحة. فخرج صلى الله عليه وسلم، فقال: " إِن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون أَلين من اللين، ويشد قلوب رجال حتى تكون أَشد من الحجارة، وإِن مثلك يا أَبا بكر مثل إِبراهيم، قال: " فمن تبعنى فإِنه منى، ومن عصانى فإِنك غفور رحيم " ومثل عيسى " إِن تعذبهم فإِنهم عبادك وإِن تغفر لهم فإِنك أَنت العزيز الحكيم " ومثلك يا عمر مثل نوح قال " رب لا تذر على الأَرض من الكافرين ديارا " أَو مثل موسى قال " ربنا اطمس على أَموالهم واشدد على قلوبهم " الآية، ولم يمثل لابن رواحة، ولا يليق به مثال عمر لأَن قتلهم بالنار غير جائز أَلبتة، وبعيد عن أَمر الشرع، رضى الله عن ابن رواحة، وقال صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2