الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }

{ وَأَعِدُّوا } أَيها المؤمنون { لَهُمْ } للمشركين مطلقا المعلومين من المقام الشاملين لمن نقضوا العهد ومن نجا من بدر، وإِن أريد خصوص هؤلاءِ استلحقوا غيرهم، والمعنى هيئوا لقتالهم { مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ } أَى قوة كانت مما يتقوى به فى الحرب، ومن للابتداء متعلق بأَعدوا، أَو للبيان متعلق بمحذوف حال من ما أَو من رابطه المحذوف، قال عقبة بن عامر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول " وأَعدوا لهم ما استطعتم من قوة " أَلا إِن القوة الرمى، ثلاثا، رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم " انتضلوا أَو اركبوا، وأَن تنتضلوا أَحب إِلىَّ، والراكب لا يقاتل بالنشاب بل بالسيف والرمح " ، وهذا تمثيل للقوة منه صلى الله عليه وسلم، لا حصر منه للقوة فى الرمى، فيلتحق منه التحصن بالبناءِ وبالدروع وبالترس والسيف والرمح. وبكل ما يتقوى به على العدو، إِلا أَنه فضل الرمى كقوله صلى الله عليه وسلم " الحج عرفة " مع أَنه أَيضا الإِحرام والطواف والسعى، وأَفعال منى، والآن يجب على عامة الموحدين، ولا سيما السلاطين وأَتباعهم أَن يستعدوا بالرصاص والبارود والمدافع، ويتعلموا ذلك تعلما كليا محققا ويعلموه الأَجناد لعلهم يزيلون بعض غلبة أَهل الشرك، والآية شاملة لهذا بالمعنى والإِلحاق والقياس وكأَنها نص فيه، وقيل: القوة الحصون، ويناسبه ذكر الخيل، والعرب تسمى الخيل حصونا، وهى حصون لا تحاصر، قال شاعرنا:
ولقد علمت على مجنبى الردى   أَن الحصون الخيل لا مدر القرى
وهو قول ضعيف فى التفسير بعيد عنه، والقوة التى فى الكهف قوة البدن لا كالتى هنا { وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ } حبسها لسبيل الله عز وجل من إِضافة المصدر لمفعوله والفعل على غير بابه، أَو من الخيل الرباط أَى ذوات الرباط، أَوجمع ربيط أَى الخيل الربيطات، أَى المربوطات من إِضافة الصفة للموصوف، كفصيل وفصال، أَو جمع ربط ككعب وكعاب، ويجوز أَن تكون الإِضافة للتبعيض، أَى المربوط الذى هو بعض الخيل { تُرْهِبُونَ } تخيفون حال مقدرة من واو وأَعدوا أَو ما من أَو من عائد ما { بِهِ } أَى بما استطعتموه، وهو أَولى من رد الضمير للإِعداد المعلوم من أَعِدوا، وكانت الصحابة يستحبون ذكور الخيل عند الصفوف لكونها أَقوى على الكر والفر، ولكون صهيلها إِرهابا للعدو، وإِناثها عند البيات والغارات لقلة صهيلها، قال صلى الله عليه وسلم " من حبس فرسا فى سبيل الله إِيمانا بالله وتصديقا بوعده، فإِن شبعه وريه وروثه وبوله فى ميزانه يوم القيامة " وعنه صلى الله عليه وسلم " الخيل معقود فى نواصيها الخير إِلى يوم القيامة " وقال " التمسوا الحوائج على الفرس الكميت الأرثم المحجل الثلاث المطلق اليد اليمنى "

السابقالتالي
2