الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ }

{ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا } أَشركوا كأَبى سفيان وَأَصحابه، واللام للتبليغ فالغيبة فى قوله { إِن يَنْتَهُوا } إِلخ، على طريق الالتفات السكاكى من الخطاب إِليها، والأَصل إِن تنتهوا بالتاءِ، أَو بمعنى فى أَى فى شأن الذين كفروا أَو للتعليل، والأَول أَولى، ويدل له قراءَة ابن مسعود تنتهوا بالمثناة فلا التفات، والمعنى إِن ينتهوا عن كفرهم وصدهم عن سبيل الله وعداوة الرسول صلى الله عليه وسلم إِلى الإِيمان والإِعانة فى الدين وحب الرسول { يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلفَ } ولو كانوا كتابيين وفى عهد، وذلك هو الصحيح، وقيل: يلزم الذمى حقوق الله وحقوق العباد قبل الإِسلام وهو ضعيف ليس بشئٍ لحديث الإِسلام يجب ما قبله، وكذا من ارتد ثم أَسلم لا يؤخذ بما فعل فى الردة، وقيل: يؤخذ، والمراد فى الآية ما سلف من كفرهم وقتل الأَنفس وأَخذ الأَموال ولو بقيت فى أَيديهم وغير ذلك من الذنوب التى بينهم وبين الله والعباد، ويفرق بينه وبين محرمته إِن تزوجها، وبينه وبين من جمع من المحرمتين فصاعدا فيقتصر على واحدة وبين الزائد على أَربع ويهريق ما عنده من خمر و يقتل خنزيره ويدفن ميته، فيخرجون من ذنوبهم كما ينسل الشعر من العجين، والإِسلام جَبٌّ لما قبله، وزعم بعض أَن ذلك فى الحرب ومن لم يكن فى العهد، وأَن أَهل الذمة يغفر لهم حقوق الله لا حقوق العباد، وقيل: يرد المشرك ما بقى فى يده من مال الناس، قال يحيى بن معاذ الرازى فى هذه الآية: توحيد ساعة يهدم كفر سبعين سنة، وتوحيد سبعين سنة لا يقوى على هدم ذنب ساعة، وهذا قولنا: إِن الإِصرار على ذنب يبطل الأَعمال كلها { وَإِنْ يَعُودُوا } إِلى الكفر والقتال، أَى يبقوا عليه، شبه البقاء عليه بالرجوع إِليه بعد التوبة، ففى الآية استعارة تبعية وإِشارة إِلى أَن الردة أَشد قبحا من الكفر الأَول إِذ جعلها المشبه به، أَو سمى مطلق استعمال الكفر عودا إِليه تسمية للمطلق بالمقيد، أَو المراد يعودوا إِلى الكفر بعد التوحيد، أَو شبه توقعهم تمام قول الرسول لهم، أَو إِدراكهم أَن الحق معه ثم يعاندوه بتوقفهم عن الكفر فيعودوا إِليه { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ } تعليل ناب عن الجواب، أَى وإِن يعودوا أَهلكوا أَو فليتوقعوا الإِهلاك لأَنه قد مضت سنة الأَولين بالإِهلاك إِذا تحزبوا على أَنبيائهم بالإِيذاءِ والتكذيب، والأَولون هم الأُمم السابقة أَضيفت إِليهم السنة لأَنها وقعت عليهم، أَو هم الرسل أضيفت إِليهم لأَنها على أَيديهم وبسببهم، كما قال سنة من قد أَرسلنا، والأَول أَولى لأَنه الكثير فى القرآن.