الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبهُمُ اللهُ } فى أَلا يعذبهم، والعذاب لازم عدم الهداية ومسببه أَو لاحظ لهم فى انتفاء التعذيب، وهذا حسب الظاهر مناقض لقولهوما كان الله معذبهم } [الأَنفال: 33] فيجاب بأَن المراد وما لهم أَلا يعذبهم إِذ أَزال الاستغفار، لا كما قيل إِن هذا ناسخ إِذ لا نسخ فى الإِخبار، وإِنما يكون فى الأَحكام مع ما فى تضمن المنسوخ هنا من الخفاء، وإِنما المعنى أَن لا يعذبهم لولا استغفارهم، أَو هذا رد لقولهم: لا يعذبنا الله، لأَنا أَهل بيته وحرمه، وقيل: هذا فى عذاب الآخرة، وما مر فى عذاب الدنيا، وهو غير متبادر، وما استفهامية أَو نافية، أَى ليس لهم انتفاء التعذيب { وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ } من أَراد الصلاة فيه والطواف وقراءَة القرآن والذكر والتوحيد ورفض الأَصنام حتى كان المؤمنون فى دار الأَرقم، وحتى هاجروا إِلى الحبشة والمدينة، ومنعوهم عام الحديبية من العمرة هم أَهل لأَن يعذبهم الله، ولكن لم يعذبهم لكونك فيهم، وللاستغفار، أَو ما لهم أَلا يعذبهم الله بالسيف: إِذا خرجت أَنت والمستضعفون عذبهم فى بدر لو تزيلوا لعذبنا.. الخ.. قاتلوهم يعذبهم الله بأَيديكم، وهذا بالسيف، وقولهوما كان الله ليعذبهم } [الأَنفال: 33] عذاب استئصال بغير السيف، فلا منافاة. وزعم بعض أَن هذا ناسخ للأَول على أَن الأَول يعم السيف وغيره، ويجوز على بعد أَن يكون معنى قولهوما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } [الأَنفال: 33] ما كان معذبهم لو استغفروا كقوله تعالىوما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأَهلها مصلحون } [هود: 117] ووجه البعد منافاته للظاهر، ولقولهوما كان ليعذبهم وأَنت فيهم } [الأَنفال: 33] لأَنه يوهم أَنهم إِذا لم يستغفروا يعذبون، ولو كان النبى صلى الله عليه وسلم فيهم، ومع ذلك البعد رجحة غير واحد وكانوا يقولون: نحن ولاة البيت الحرام وولاة أَمر الله فيه فنصد من نشاء وندخل من نشاء.. فنزل قوله تعالى { وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ } أَولياءَ الله، أَو أَولياءَ المسجد الحرام، ويرجح الأَول قوله تعالى { إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ } المتقون للشرك أَو لعذاب الله فإِن ولى الله هو الموحد له، وعلى أَن الهاءَ للمسجد يكون المعنى وما كانوا أَولياء المسجد الحرام بالاستحقاق لشركهم وللصد عنه ومعاداة أَولياءَ الله سبحانه بل تولوه لحكمة الله وقضائه وما أَولياؤه بالاستحقاق إِلا المتقون.. { وَلَكِنَّ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أَنه لا ولاية لهم، وقليل علموا أَو جحدوا، أَو الأَكثر بمعنى الكل.