الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يِٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } كرر الخطاب بوصف الإِيمان تنشيطاً وإِيذاناً بأَن ما بعده ما يوجب الإِيمان به { إِنْ تَتَّقُوا اللهَ } فى أَحوالكم باتباع العمل للقول { يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } فصلا بينكم وبين ما تخافون من ضر الدين أَو الدنيا فلا تصيبكم، أَو الفرقان هدى ينور به القلب فيميل إِلى الحق ويجانب الباطل، أَو نصر، أَو إِذلال العدو لكم يتبين به لكم المحق من المبطل، أَو برهانا يزيل عنكم الشبهة فى الدين، أَو ظهوراً ينشره ذكر جميلكم أَو نجاة فى الدارين، أَو ذلك كله { وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } كبائر وصغائر يسترها ولا يفضحكم بها يوم القيامة بإِظهارها لأَهل الحشر، ولا يشينكم بها فى الدنيا، { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } أَى ذنوبكم كبائر وصغائر بأَن يعفو عنكم ولا يعاقبكم عليها، أَو السيئات الصغائر والذنوب الكبائر أَو السيئات ما تقدم من الكبائر والصغائر والذنوب الكبائر، المتأَخرة لأنها فى أَهل بدر، وقد غفر لهم، وهذا ضعيف لأَن فيه مراعاة الواقع دون لفظ الآية، وفى الحديث يرويه قومنا " لعل الله اطلع إِلى أَهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " { وَاللهُ ذُو الفَضْلِ الْعَظِيمِ } تفضل عليكم فى رحمته ومغفرته، ولا واجب عليه، فلو شاءَ لم يثبكم على أَعمالكم، وقد اقتضت حكمته أَلا يعذبكم فى الآخرة وأَنتم مطيعون، وذكره ليشكر بما أَنعم عليه من التنجية من قريش حين كان فى مكة بقوله:

{ وَإِذْ } اذكر إِذ، أَو اذكر الواقع إِذ يمكر، أَو إِنعامه بالإِنجاء إِذ يمكر { يَمْكُرُ بِكَ } أَى مكروا والمضارع لحكاية الحال الماضية { الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ } فلا تنتقل عن موضعك بالوثاق بالحديد، أَو الحبس فى بيت، أَو الضرب أَو الجرح، وذلك رأى البخترى ابن هشام بفتح الموحدة وإِسكان الخاء المعجمة وضم المثناة، أَو بفتح الموحدة والمثناة حين اجتمع فى دار الندوة للمشاورة فى أَمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من كبار قريش هو وعتبة وعتيبة ابنا ربيعة وأَبو جهل وأَبو سفيان وطعمة بن عدى والنضر بن الحارث وعمر ابن هشام، ومن بنى عامر بن لؤى، وعن أَبى البخترى: أَوثقوه فى بيت وسدوه عليه إِلا كوة لطعامه وشرابه ومتاعه حتى يموت كما مات الشعراء قبله كزهير والنابغة. فقام إِبليس فى صورة شيخ جليل، وقال أَنه من أَهل نجد حضر الباب، وقال: سمعت بشأنكم وأَنا من أَهل نجد، ولن تعدموا منى رأياً، فأَدخلوه، قال: بئس الرأى، يخرجه أَصحابه وقومه، فقالوا: صدقت، والدار بناها قصى للمشاورة لأَمر يحدث ولا يجتمعون لمهم إِلا فيها، والندوة الجماعة، وهى أَول دار بمكة لما حج معاوية اشتراها بمائة أَلف درهم، ثم أدخلت فى الجانب الشمالى من المسجد الحرام { أَوْ يَقْتُلُوكَ } يقتلك متعددون من كل قبيلة واحد فتشترك القبائل كلهم فى قتلك تعطون من كل قبيلة شاباً سيفاً صارماً فيضربونه بمرة فيفترق دمه على القبائل، فلا يقدر بنو هاشم على حرب قريش كلها وتعطونهم الدية.

السابقالتالي
2