الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

{ وَاتَّقُوا } أَيها المؤمنون { فِتْنَةً } صرفا عن الدين لأَنفسكم بالكبائر كالبدع وإِقرار المشرك فيكم والمداهنة وافتراق الكلمة وعدم النهى، أَو اتقوا عذابا دنيويا كالقحط، اتقوا موجبه من الذنوب فعاد إِلى التفسير الأَول { لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ } فعلوا الكبائر، لا نافية وأَكد الفعل بالنون بعدها على القلة، والجملة نعت فتنة، أَو جواب لإِنْ محذوفة. أَى إِن لا تتقوها، أَو إِن أَصابتكم لا تصيبن، وأَداة الشرط والشرط والجواب نعت، أَو جواب قسم، أَى والله لا تصيبن، وذكر النون هنا قولا بجواز توكيد المضارع المقرون بلا النافية إِجراء لها مجرى النهى، أَو لا ناهية مستأنفة أَو مقولة لنعت محذوف، أَى فتنة مقولا فيها لا تصيبن، والنهى فى اللفظ للفتنة وفى المعنى للمكلفين، أَى لا تظلموا أَنفسكم بالذنوب فتصيبكم الفتنة وحدكم خاصة إِذ نهاكم غيركم كما هو وجه فى قوله تعالى:لا يحطمنكم سليمان } [النمل: 18] إلخ.. وعلى النفى يكون المعنى لا تصيبكم وحدكم، بل تعم من لم ينه عنها فتكون عليكم تباعتها، ووجه تأكيد النفى مع أَنه على طريق الترديد لكونه فى جواب أَن أَنه لا ترديد بحسب وقوع الشرط بمعنى أَنه إِن وقع الشرط تحقق الانتفاء وتأَكد، وقيل أَنه بمعنى النهى، وعلى كل حال المراد لا يصيبن أَثرها أَو عقابها أَو الفتنة نفس العقاب، والخطاب للمؤمنين. ومن اتقاء الفتنة إِنكار موجبها من الذنوب، قال صلى الله عليه وسلم: " إِذا عملت الخطيئة فى الأَرض كان من شهدها فأَنكرها كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كمن شهدها " ، ولفظ ابن الأَثير عنه صلى الله عليه وسلم: " إِن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أَن ينكروه فلم ينكروه، فإِذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة " قال أَبو داود عن جرير بن عبد الله البجلى: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من رجل يكون فى قوم يعمل فيهم بالمعاصى يقدرون على أَن يغيروا عليه ولم يغيروا إِلا أَصابهم الله بعقاب قبل أَن يموتوا " ، وعن ابن عباس: أَمر الله عز وجل المؤمنين أَن لا يقروا المنكر بين أَظهرهم فيعمهم الله تعالى بعذاب يصيب الظالم وغيره، قال أَبو بكر رضى الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إِن الناس إِذا رأَوا الظالم ولم يأخذوا على يده أَوشك أَن يعمهم الله بعقاب " ، رواه الترمذى وأَبو داود. ولما وقعت بنو إِسرائيل فى المعاصى وجالس بعض بعضا وواكلوهم وشاربوهم ضرب قلوب بعض ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، رواه ابن مسعود، وعن الزبير: ما ندرى أَنا معشر أَهل بدر مرادون بالآية لحدث يوم الجمل حتى كان، وكذا السدى، وفى البخارى ومسلم عن أَبى هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2