الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ } بالطاعة { إِذا دَعَاكُمْ } لم يقل دعواكم لأَن طاعة الله فى طاعة الرسول، فأَفرد الضمير عائداً للرسول لبيان أَنه بمنزلة من الله حتى أَن دعوته دعوة الله، ولأَن دعوة الله لا تسمع بلا واسطة فى المعتاد بل برسول، ولإِجلال عن أَن يقرن مع مخلوق فى الضمير. قال رجل: من يطع الله ورسوله فقد اهتدى، ومن يعصهما فقد غوى، فقال صلى الله عليه وسلم: " بئس الخطيب أَنت إِذ قلت ومن يعصهما " ومر بحث فى سورة المائدة. ويجوز عود الضمير لله، لأَن الدعوة أَصالة منه عز وجل { لِمَا يَحيِيكُمْ } من العلوم الدينية والجهاد، وقد أَعزكم الله عز وجل به، والأَعمال الصالحة والقرآن والحق فإِن الإِنسان بدونها كميت، وهى فيه كالروح، وذلك على الاستعارة التبعية، أَو المجاز الإِرسالى التبعى لعلاقة التسبب أَو اللزوم، أَو لما يبقيكم أَحياء حياة طيبة معتدا بها دائمة، وهى حياة الجنة فى النعيم الدائم، وهى ما ذكر من العلم والعمل والقرآن والحق، أَو لما يبقيكم غير موتى وغير مشبهين بالموتى وهو الجهاد، إِذ لو لم يجاهدوا لقتلهم العدو، أَو كانوا فى ذل وهوان كالموت، أَو لما يحييكم حياة الشهداءِ وهو الجهاد إِن ماتوا به، فإِن الشهداءَ أَحياء عند ربهم، مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أَبى سعيد الخدرى يصلى فدعاه فأَوجز فى صلاته ثم جاءَ فقال: ما منعك من إِجابتى؟ فقال: كنت أُصلى، قال: " أَلم تخبر فيما أَوحى إِلىَّ { استجيبوا لله وللرسول } " قال: بلى ولا أَعود إِن شاءَ الله. فقال صلى الله عليه وسلم: " لأَعلمنك سورة أَعظم سورة فى القرآن. الحمد لله رب العالمين هى السبع المثانى " رواه الترمذى ومثله فى البخارى عن أَبى هريرة إِلا قوله لأَعلمنك إِلخ.. وهذا قبل أَن يحرم الكلام فى الصلاة، أَو مطلقا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم. وعليه لا تبطل صلاته كما لا تبطل فى الأَول، وقيل: تبطل. وكذا ينتقل المصلى عن محل الصلاة للتنجية ساكتا، ويبنى على ما مضى إِن لم يحدث ناقض، وقيل ينقضها لذلك، وإِسناد الإِحياءِ إِلى ضمير ما مجاز عقلى، ويجوز الآن نقضها بالكلام فى الأَمر المهم الذى لا يحتمل أَن يؤخر كالموت ووقوع الطلاق يتكلم لئلا يقع ذاك { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقلْبِهِ } يريد الكفر فيحول بينهما، أَو الإِيمان فيحول بينهما، فليبادر الخير، وكذا غير الكفر والإِيمان من المباحات وسائر الاعتقادات، والآية عامة، وكل ما فى القلب أَو غيره من خير أَو شر فمن الله، قال ابن عباس: سأَلت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الآية فقال:

السابقالتالي
2