الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }

اختلف المسلمون فى غنائم بدر، أَى وهى قليلة، فقال الشبان: هى لنا لأَنا باشرنا القتال، وقال الشيوخ: كنا ردءا أَى عونا لكم تحت الرايات لو انكشفتم لفئتم - أَى رجعتم - إِلينا، فهى بيننا وبينكم، واحتار: أَيقسمها بين أَهله المهاجرين أَم الأَنصار، فنزل قوله تعالى: { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * يَسْأَلُونَك } أَى الصحابة المعروفون فى تلك القصة { عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ والرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ، وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } والسؤال سؤال استفهام، لأَن الشبان والشيوخ مع تنازعهم لم يخلوا عن استفهام رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل روى أَنهم لما اختلفوا قالوا: يا رسول الله لمن هى؟ فنزل إِنها لله ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد روى هذا أَحمد وابن حبان والحاكم عن عبادة بن الصامت أَنهم قالوا: لمن الحكم فيها أَللمهاجرين أَم للأَنصار؟ أَم لهم جميعا؟ ويجوز أَن يكون سؤال استعطاءُ وعليه فعن صلة أَو بمعنى من التبعيضية، والأَصل عدم الزيادة، ويناسب الزيادة قراءَة ابن مسعود وسعد ابن أَبى وقاص، وعلى بن الحسين وجماعة من أَهل البيت بإِسقاط عن ونصب الأَنفال. قلنا: قراءَة إِثباتها هى المشهورة، وقراءَة الجمهور فيرد إِليها قراءَة الاسقاط والنصب بأَن نقول: النصب على نزع الجار أَى عن الأَنفال، وقراءَة الجمهور هى المتواترة، والمناسبة لقوله تعالى: لله والرسول يقول الشبان: أَعطنا الأَنفال، ويقول الشيوخ: أَعطنا بعضها وهو النصف، ويقول سعد بن أَبى وقاص: يا رسول الله قتل سعيد ابن العاص أَخى عميراً فقتلته فأَخذت سيفه هذا فأَعطنيه، فقال صلى الله عليه وسلم: " ليس لى ولا لك فاطرحه فى القبض " - بفتحتين - أَى فى المقبوض من الغنيمة، وروى أَنه رجع فسأَله السيف أَيضا مرة أُخرى فشد عليه ونهره وقال: اطرحه فى القبض، قال: فطرحته وبى ما لا يعلمه إِلا الله من قتل أَخى وأَخذ سلبى، فما جاوزت إِلا قليلا حتى نزلت سورة الأَنفال، ونادانى من ورائى مناد: نزل قرآن. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سأَلتنى السيف وليس لى، وأَنه قد صار لى فاذهب فخذه " ، وروى أَنه صلى الله عليه وسلم وعدهم أَن يعطيهم ما سلبوا فسارع الشبان فقتلوا سبعين وأَسروا سبعين، أَخرجه أَبو داود والنسائى والحاكم، وصححه عن ابن عباس رضى الله عنهما، ولما نزلت الآية قسمها صلى الله عليه وسلم بينهم سواء، رواه الحاكم، فذلك هو قوله تعالىأَنما غنمتم من شئٍ } [الأَنفال: 41] الآية.. لا كما قيل أَنه غيره ثم نسخ به، وهذا هو الصحيح، لا ما روى عن سعيد بن جبير أَن السيف وجده سعد بن أَبي وقاص، وأَنصارى فتنازعا فيه فنزلت الآية.

السابقالتالي
2