الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ ٱلَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلَّذِينَ مَعَكَ وَٱللَّهُ يُقَدِّرُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَىٰ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي ٱلأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَٱقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ وَأَقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أنَّكَ تَقُومُ أدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ } أى أقل من ثلثى الليل فإِنه يلزم من قرب الشئ إِلى آخر قلة الأَحياز فعبر بالملزوم عن اللازم أو استعار الدنو للقلة، وفى ذلك جعل الثلثين قليلاً لأَن أدنى اسم تفضيل الجواب أن الله عز وجل عدهما قليلاً باعتبار عظمته وأولى من ذلك أن نجعل من ليست تفضيلية بل التى يتعدى بها الدنو تقول دنا من كذا وتخرج أدنى عن التفضيل فيكون المعنى ما يقرب من ثلثى الليل. { وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ } عطف على ثلثى فيكون يقوم ما يقرب من الثلثين تارة وما يقرب من النصف تارة وهو ما فوق الثلث بقليل وما يقرب من الثلث تارة وهو ما دون النصف ما لم يصل ثلثاً كالربع والحاصل أنه يقوم أقل من الثلثين وأقل من النصف وأقل من الثلث وهذا فيما علم الله تعالى أنه يقع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والطائفة، وقوله تعالى { قم الليل } الخ. فيما أمره الله به وبذلك يجاب عن التخالف بين قراءتنا بالجر وقراءة نصب نصفه وثلثه عطفا على أدنى فإِن حاصلها أنك تقوم أقل من الثلثين وتقوم نصف الليل تارة وتقوم ثلث الليل أُخرى.

{ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ } عطفا على المستتر فى تقوم لوجود الفصل كأَنه قيل تقوم أنت وطائفة من الذين معك أدنى من ثلثى الليل الخ، ومن للبيان أى وطائفة هم الذين معك وقيل للتبعيض والبعض الآخر يقوم غير القيام المذكور، وقيل لم يجب عليه وهو ضعيف. { وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ } يخلق مقادير ساعاتهما ويعلمها وأنتم لا تعلمونها فلا بأس عليكم فى نقص مما عين لكم إِذ لا تصلون إِلى حسابه لدقته يعجز عنها أصحاب الآلات. { عَلِمَ أن } أن الشأَن أو انكم { لَّن تُحْصُوهُ } لن تطلبوا تقدير الأَوقات فعاملكم بالأَوسع ولا سيما أن العرب يشق عليها الحساب { فَتَابَ عَلَيْكُمْ } بترك المقدار فى القيام، شبه الترخيص بقبول التوبة لجامع رفع العقاب. قال سعد بن هشام لعائشة يا أُم المؤمنين أنبئينى عن قيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت ألست تقرأ يا أيها المزمل قال بلى قالت فإِن الله تعالى افترض قيام الليل فى أول السورة هذه فقام نبى الله وأصحابه حولا وأمسك الله تعالى خاتمتها اثنا عشر شهراً فى السماء يعنى لم تنزل الخاتمة حتى أنزل الله تعالى فى آخر السورة التخفيف وصار قيام الليل تطوعا، وفى رواية عنها دام ثمانية أشهر وعن قتادة عاماً أو عامين، وقيل وجب إِنما التخيير فى المقدار ثم نسخ بعد عشر سنين، وقيل وجب عليه - صلى الله عليه وسلم - دون غيره كما قال فتهجد به نافلة لك أى زيادة واجبة، وعن ابن عباس وجب على الكل ثم نسخ عن غيره فمن شاء تطوع وبقى الوجوب عليه إلى أن مات، وقيل فرض فى مكة ثم نسخ وجوبه عنهم وعنه بالصلوات الخمس وهذا فى البخارى ومسلم، ويروى عن ابن عباس انه صلى ركعة بالفاتحة والآية الأُولى من البقرة وركعة بالفاتحة والآية الثانية منها فقال هذا قراءة ما تيسر، وقيل الآية فى قراءة القرآن بلا صلاة فقيل مائة آية وقيل السورة التى قلت آياتها كسورة الكوثر وكسورة الإِخلاص، وعن أنس مرفوعاً من قرأ خمسين آية فى يوم وليلة لم يكتب من الغافلين ومن قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتى آية لم يحاجه القرآن يوم القيامة ومن قرأ خمسمائة كتب له قنطار من الأَجر، وروى أربعون آية، وروى عشرون بدل خمسين، وعن أبى هريرة مرفوعاً من قرأ عشر آيات لم يكتب من الغافلين وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يصوم الدهر ويقرأ القرآن كل ليلة فقال - صلى الله عليه وسلم -

السابقالتالي
2 3 4