الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

{ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ } الواو للموجودين فى عصره - صلى الله عليه وسلم، المكذبين المرادين فى قولهأَفأَمن أَهل القرى } [الأَعراف: 97] لا لعموم القرى فى قولهولو أَن أَهل القرى } [الأَعراف: 96] فهذا تقرير لقوله { أَفَأَمِنَ } جمعاً بعد تفريق زيادة للتحذير، فلم يكن العطف لأَن المقرر به مقرون بالفاء، ومكر الله استدراجه إِياهم بالنعمة والصحة فلا يشكروا، بل يفسقون فيأخذهم، ولا ينسب إِلى الله إِلا مشاكلة، كما هنا فى قول بعض، والصحيح أَنه يجوز نسبته إِليه عز وجل ولو بلا مشاكلة، وعلى كل يكون مجازاً، وذلك تشبيه بإِظهار المحبوب وإِخفاء المكروه، فلفظ مكر استعارة تمثيلية إِذ شبه مجموع أَشياء هى إِظهار الإِنعام عليهم وقصدهم بالسوء وإِيقاعه بمجموع أَشياء هى إِظهار المحبوب وإِخفاء المكروه وإِيقاعه، وأَمن مكر الله من الكبائر كما رواه ابن مسعود وابن عباس مرفوعاً، وروى أَنه كفر، بمعنى أَنه كفر فسق لا شرك، وإن نوى أَنه لا يقدر على الانتقام منه فشرك، وإِلا من الاسترسال فى المعاصى اتكالا على عفو الله، قيل: هنا محذوف تقديره: لما أَمنوا خسروا فعطف عليه بالفاء فى قوله عز وجل { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الخَاسِرُونَ } والأولى أَن الفاءَ فى جواب إِذا، أَى إِذا تبين ذلك، أَو إِذا كان الأَمر فى غاية القبح فلا يأمن، وقرن بالفاء ولو صلح شرطاً لحذف أَداة الشرط فهى تدل عليه. وقيل: تفريع على محذوف، أَى فلما أَمنوا خسروا فلا يأْمن مكر الله إِلا القوم الخاسرون. وعبارة بعض أَنها للتنبيه على تعقيب العذاب أَمن مكر الله تعالى، ويقال: هى تعليل ما يفهمه الكلام من ذم الأَمن وخسرانهم لمصالحهم الأخروية لشركهم ومعاصيهم، وبترك استعمال عقولهم فى إِدراك الحق.