الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ }

{ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ } والصيحة كما ذكرت فى آية أُخرى، والرجفة تحرك الأَرض، وأَما قوله تعالى فأهلكوا بالطاغية فمعناه لطغيانهم، أَو الرجفة الصيحة التى زلزلت بها الأَرض، وفى آية أُخرى أَهلكوا بالصاعقة، فيقول أَهلكوا بالصيحة والرجفة والصاعقة، كما روى أَن صالحاً التفت إِليهم فرأَى الدخان ساطعاً فعلم أَنهم هلكوا، والفاء للسببية دون اتصال لأَنهم بقوا بعد عقرهم وقولهم ائتنا بها تعدنا ثلاثة أَيام إِلا أَن مقدمة الرجفة متصلة فإِنهم لما قالوا ذلك يوم الأَربعاء بعد العقر، قال لهم صالح عليه الصلاة والسلام: يصبح وجوهكم يوم الخميس مصفرة ويوم الجمعة محمرة ويوم السبت مسودةً ثم يصحبكم العذاب، ولما رأَوا مبدأَ ذلك أَيقنوا، وأَرادوا إِهلاكه فالتحق بأَخواله فى البدو فمنعوه، يقال لهم: بنو غنم رئيسهم نفيل، وعذبوا أَصحاب صالح ليدلوهم عليه فسأَلوهم أَن يدلوهم عليه فدلوهم عليه فجاءوه فقال لهم نفيل: لا سبيل إِليه دلهم عليه بإِذنه مبدع بن هرم، وروى أَنه خرج ليلة الأَحد إِلى الشام ونزل رملة فلسطين ثم إِلى مكة مع من آمن به، وقيل: رجعوا إِلى منزلهم وسكنوا فيه وهم قليل: جندع ابن عمرو بن جراس سيد ثمود وصينهم من هراوة من سعيد بن الغطريف بن هلال ومبدع بن هرم وجملتهم مائة وعشرة وجماعة معه ومنعهم من الإِيمان ذؤاب بن عمرو بن لبيد، والحباب صاحب أَوثان ورباب بن ضمير، وتكفنوا صباح الأَحد وتحنطوا وأَلقوا بأَنفسهم على الأَرض ينظرون إِلى السماء وإِلى الأَرض، من أَين العذاب ولما اشتد الضحى جاءَهم صيحة من السماء فيها صوت كل شئ وزلزلة من الأَرض فتقطعت قلوبهم وهلكوا كبارهم وصغارهم، كما قال الله سبحانه وتعالى:

{ فَأَصْبَحُوا } صاروا، أَو كاف ذلك قبل الزوال سمى زمانه صبحاً، وفى رواية أُخرى ثلاثة أَيام أَى ثلاثة كاملة وأَلغى الكسر ولم يصح هلاكهم فى الأَحد بل فى غروب السبت، ثم رأَيت أَنهم هلكوا يوم السبت، وأَصبحوا صاروا، وربما آمن بعضهم من حين رأَوا العلامة من الصفرة أو ما بعدها لكنه لا ينفعه إِذ شاهد العذاب (فِى دَارِهِمْ) فى أَرضهم التى سكنوها { جَاثِمِينَ } باركين على ركبهم لا يتحركون لموتهم، وذلك وارد فى اللغة أَو لازمين محلهم أَو واقفين على صدرهم.