الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } * { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ فَأَنْجَيْنَاهُ } من الريح أَى أَنجينا هودا { وَالَّذِينَ مَعَهُ } من المؤمنين { بِرَحْمَةٍ مِنَّا } ولو شاءَ لم ينجهم من الموت بتلك الريح لكن يبعثهم على السعادة، أَو الرحمة منظور فيها إِلى أَنها السبب فى الإِنجاء أَى رحمناهم بالتوفيق إِلى الإِيمان المرتب عليه الإِنجاء، ويجوز تعليق الباء بمعه أَو بمتعلقه أَى ثبتوا معه أَو آمنوا معه برحمة منا بأَن وفقناهم { وَقَطَعْنَا دَابِر الَّذِينَ كَذَّبُوا بآيَاتِنَا } استأصلناهم كما يعم الشئ شيئاً آخر حتى يقع على آخره، فذلك استعارة تمثيلية { وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ } عطف على كذبوا بآياتنا تأكيدا فى ذمهم، فإِن المكذب غير مؤمن أَو كذبوا فى الماضى ولا يؤمنون بعد فى باقى أَعمارهم قبل الإِهلاك ولا يؤمنون أَيضاً لو أَبقاهم، ومن فوائد ذكر الإِيمان التلويح بأَن الفارق بين ما نجا ومن هلك هو الإِيمان، أَمسك الله المطر ثلاث سنين فبعثوا إِلى مكة للاستسقاء قيل بن عنز وجلهمة ابن الخبيرى ومرثد بن سعد ومع كلٍّ رهط من قومه والكل سبعون وعادة أَهل ذلك الزمان مسلمهم وكافرهم إِذا نزل بلاء قصدوا بيت الله لكشفه فنزلوا على معاوية بن بكر خارج الحرم سيد مكة وأمه كلهدة بنت الخبيرى، رجل من عاد، وأَهلها العماليق أَبوهم عمليق ابن لاود بن سام فأَكرمهم وهم أَخواله وأَصهاره وأَمه كلهدة من عاد، شهراً يشربون الخمر ويغنيهم جاريتان وردة وجرادة، فقيل الجرادتان تغليبا، ومسيرهم أَيضاً شهر، وشفق على عاد إِذ هم فى قحط، وقومهم ووفدهم مشتغلون باللذات عن الاستسقاء، وخاف أَن يظنوا أَنه ثقل عليه مقامهم فقالتا قل شعراً نغنيهم به ولا يدرون لمن هو فقال:
أَلا يا قيل ويحك قم فهينم   لعل الله يسقينا غماما
فيسقى أَرض عاد إِن عادا   قد أمسوا ما يبيون الكلاما
من العطش الشديد فليس نرجو   به الشيخ الكبير ولا الغلاما
وقد كانت نساؤهم بخير   فقد أَمست نساؤهم عياما
وإِن الوحش تأتيهم جهارا   ولا تخشى لعادىٍّ سهاما
وأَنتم هاهنا فيما اشتهيتم   نهاركم وليلكم التماما
فقبح وفدكم من وفد قوم   ولا لقوا التحية والسلاما
فغنتاهم فانتبهوا ودخلو االحرم وطلبوا بكرا وأَباه، وكان شيخاً كبيرا أَن يمسكا مرثدا لأَنه آمن بهود، وقال لهم: والله لا تسقون إِلا أَن آمنتم بهود وحينئذ أَظهر إِسلامه فقال:
عصت عاد رسولهم فأَمست   عطاشا ما تبلهم السماء
لهم صنم يقال له صمود   يقابله صداء والهباء
فبصرنا الرسول سبيل رشد   فأَبصرنا الهدى وجلا العماء
وإِن الله ليس سواه ربى   على الله التوكل والرجاء
وقال رئيسهم قيل عند الكعبة: يا إِلهنا إِن كان هود على الحق فاسقنا قد هلكنا. وقد قالوا: اللهم أَعط قيلا سولا واقض سؤالنا مع سوله.

السابقالتالي
2 3