الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَٰدِلُونَنِي فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ }

{ قَالَ قَدْ وَقَعَ } مجاز عن حق أَو عن واجب لأَن الوقوع لازم للوجوب، وكون الشئ حقاً لا بد منه أَو مسبب عن ذلك، أَو شبه ما سيقع بما وقع لجامع تحقق الوقوع أَو الزمان الآتى بالماضى كأَنه قيل سيقع { عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ } عذاب بريح عقيم مأْخوذ من معنى الارتجاس، وهو الاضطراب لأَن المعذب فى أَشد الاضطراب { وَغَضَبٌ } إِرادة الانتقام، وهى توجه متعلق الإِرادة الأَزلية ولحمله، وكذا سائر الأَنبياء لم يجبهم بخشونة، فيجب تعلم ذلك، بل بنفى ما ادعوه عليه من السفاهة وبالوعظ والاحتجاج بما ذكر وبقوله { أَتُجَادِلُونَنِى فِى أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا } الأَسماء الأَصنام المذكورة تعبدونها أَى اخترعتموها ووصفتموها فما له مفعولان كما قيل إِن الثانى محذوف، وإِن الاسم بمعنى المسمى، أَى فى أَشياء سميتموها آلهة أَو خالقة رازقة ومنزلة المطر ونحو ذلك، وقدر بعض ذوى أَسماء أَو ذوات أَسماء، ورد بعض الضمير إِلى السماء ومعنى كل واحد غير معنى الآخر، وهى أَن يكون الضمير بمعنى الأَلفاظ والأَسماء بمعنى الذوات أَو العكس على الاستخدام { أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ } شامل للأَجداد { ما نَزَّلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانِ } حجة. واستدل بالآية على أَن الاسم هو المسمى لأَنهم يجادلون فى الأَصنام لا فى الأَلفاظ التى سميت بها، وكذا هو يجادلهم فى المسميات لا فى أَسمائها، وإِن جادلهم فى لفظ إِله فلانتفاء الأُلوهية عنها، واستدل بها أَيضاً على أَن اللغة توقيفية إِذ لو كانت اصطلاحية لم يذموا بتسميتهم الأَصنام آلهة من غير توقيف الله على تلك الأَسماء، والاستدلالان ضعيفان لأَنا نقول الأَسماء هى الأَلفاظ والمسميات مدلولاتها والذم على المجادلة فى الأَسماء لا يستلزم اتحاد الاسم بالمسمى، وشهر قولهم اسم بلا مسمى بمعنى أَنه مجرد عن معناه لعدم وجود معناه له فأَنكر عليهم تسميتها بما ليس معناه لها، فإِن الأُلوهية معدومة فيها وليس فى الآية أَنكم أَطلقتم هذا الاسم على المسمى من غير توقيف من الله جل وعز، بل باصطلاحكم فضلا عن أَن تكون الآية رداً عليهم، والذم لأَجل تسمية ما لا يليق بالألوهية إِلهاً لا لوقوع اللغة من عند أَنفسهم، { فَانْتَظِرُوا } نزول العذاب الذى تطلبونه بقولكم فأتنا بما تعدنا. والجملة مرتبة على قوله قد وقع عليكم إِلخ، أَو يقدر إِذا أَبيتم إِلا العناد فانتظروا، والأَمر تهديد أَو تحقير { إِنِّى مَعَكُمْ مِنَ المُنْتَظِرِينَ } لعذابكم لتكذيبكم، فأَرسلنا عليهم الريح.