الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ } * { أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلٰتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } * { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَصْطَةً فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

{ وَإِلَى عَادٍ } داخل فى القسم لأَنه معطوف على قوله إِلى قومه وعطف على نوحاً قوله { أَخَاهُمْ هُودًا } ولا حاجة إِلى دعوى تقدير، وكذا فيما بعد. وعاد هو بن عوص بن أَرام بن سام بن نوح، سميت به أَولاده ونسلهم، وهود عربى وظاهر سيبويه أَنه عجمى كنوح ولوط، بل هما مختلف فيهما أَيضاً، وهود هو غابر بن شالخ بن أَرفخشد ابن سام بن نوح، أَو هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد ابن عوص بن إرم بن سام وقيل ابن شالخ بن أَرفخشد ابن سام عاش أَربعمائة سنة وأَربعاً وستين سنة، وقيل مائة وخمسين وصالح مائتين وثمانين. وقيل نوح ابن عم أَبى عاد، وقيل هو ابن عوص ابن إِرم بن سام بن نوح، وكان بين هود وبين نوح ثمانمائة سنة، وهو ابن أَبى عاد وجعل منهم لأَنهم أَفهم لقوله وأَعرف لحاله وأَرغب فى اتباعه. قال الكلبى: هو واحد من تلك القبيلة، وقيل ليس منها ولكنه سمى أَخا لهم لأَنه من جنسهم الآدمى لامن الجن ولا من الملائكة، وذكر أَهل اليمن أَن يعرب بن قحطان بن هود هو أَول من تكلم بالعربية، وبه سميت العرب عرباً، فهو أَعجمى صرف صرف نوح ولوط، وفى القرآن ذكر القوم المرسل إِليهم باسمهم إِن عرفوا باسم كعاد وثمود ومدين، وبلفظ القوم إِن لم يعرفوا باسم { قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا الله } وحده، لم يكن هود فى التذكير لقومه كنوح بل دونه فى المواظبة، وكأَنه قيل فما قال لهم فلم يكن العطف، ولما كثر من نوح كان بالعطف بالفاء لأَنه لم يتأَخر تذكيره عن الإِرسال لأَنه حضرهم، وهود ذهب إِليهم من موضع ولو كان فيهم، بل قيل باشر نوح التذكير قبل الإِرسال، واحتج على وجوب عبادة الله وحده بقوله { مَا لَكُمْ مِنْ إلهٍ غَيْرِهِ } على حد ما مر { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أَتغفلون فلا تتقون عذابه، أَو أَتعرضون فلا تتقون العقاب والإِشراك وظلم العباد وعبادة الأَصنام ورمل وصمد وصدم وصمود والبهاء أَصناما لهم، وفى هود أَفلا تعقلون؟ فنقول قالهما معاً، فذكر الله عز وجل كلا فى موضع، كما ذكر فيها إِن أَنتم إِلا مفترون، وقال هنا أَفلا تتقون، لأَنهم تقدمهم عذاب قوم نوح وقد علموا به، وقيل لأَنهم أَقرب إِلى القبول من قوم نوح، وكانوا ينزلون اليمن بالأَحقاف، رمال بين عمان وحضرموت، وكانوا قد قهروا أَهل الأَرض بفضل قوتهم وعظم أَجسامهم، وقالوا: من أَشد منا قوة، وكأَنه قيل: بم أَجابوه فقال: { قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ } كان من أَشرافهم من آمن به كمرثد بن سعيد بن عفير، ولذلك قيد الملأَ بالذين كفروا بخلاف نوح، فالقليل الذين آمنوا به ليسوا من أَشراف قومه وإِن كانوا منهم فإِنهم لم يؤمنوا عند مخاطبته لهم، بل بعد، ومثل مرثد آمن بهود عند مخاطبته، وذلك فى سورة قد أَفلح، وصف قوم نوح بما وصف به قوم هود إِلا أَن الوصف هناك للذم لا للتمييز وهنا للتمييز والفرق، كذا قيل، ولا مانع هنا أَنه للذم { إِنَّا لَنَرَاكَ فِى سَفَاهَةٍ } خفة عقل وفساد وجهالة إِذ فارقت دين قومك { وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِين } عن الله فيما تقول، وما أَنت برسول، خوف نوح عليه السلام قومه بالطوفان فقالوا له، إِنا لنراك فى ضلال مبين حين تدعى الوحى من الله وحين تصنع سفينة فى أَرض لا ماءَ فيها، وأَما هود فنسب عبادة الأَصنام إِلى السفه فقابلوه بإِنا نراك فى سفاهة وهم أَقل سوء بالنظر إِلى قوم نوح لسماعهم بالطوفان، ولذا قال هنا أَفلا تتقون بصورة استبعاد عدم اتقائهم بعد علمهم بما حل بقوم نوح، وفى سورة هود أَفلا تعقلون.

السابقالتالي
2