الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ } * { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }

{ وَالْبَلَدُ الطَّيّبُ } الذى طاب ترابه { يَخْرُجُ نَبَاتَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ } متعلق بيخرج أَو حال وهو عبارة عن كون النبات جيدا كثيراً نافعاً بنفسه وثماره، كما يذكر إِن شاءَ الله للبركة بلا قصد استثناء، أَو يقدر يخرج نباته وافياً حسناً، ودل على ذلك المقابلة بقوله { وَالَّذِى خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا } أِى والبلد الذى خبث لا يخرج إِلا نكدا، وضمير يخرج للبلد الذى خبث، فالخارج البلد لكن على حذف مضاف أَى لا نخرج نباته، أَو يقدر المضاف أَولا، أَى ونبات البلد الذى خبث، لا يخرج إِلا نكدا، فحذف نبات فعاد الضمير أَيضاً إِلى البلد الذى خبث، والأَول أَنسب لما قبله، ولم يذكر هنا بإِذن ربه لأَنه لا بركة فى الخبث والنكد، وإِن فسرنا بإِذن ربه بمجرد مشيئته قدرنا مثله لقوله لا يخرج إِلا نكدًا أَو النكد الشئُ العسر يطلق على الذات والمعنى فهو حال أَو مفعول مطلق، أَى الآخر، وجاء نكدا، ومعناه قليلا عديم النفع، شبه المؤمن ونزول القرآن وقبوله وتأَثره فيه وظهور العمل به على لسانه وجوارحه بالأَرض الطيبة، ونزول المطر عليها وتأَثرها به وخروج النبات والثمار منها به فهذه استعارة تمثيلية، وهى المركبة، وشبه الكافر ونزول القرآن فى شأنه وعدم تأَثره به وعدم ظهوره على لسانه وجوارحه بالأَرض التى لا تنبت لكونها سبخة أَو صلبة أَو طال مكث الماء فيها أَو نحو ذلك، ونزول المطر عليها وعدم خروج النبات فيها أَو الإِنبات لا نفع فيه فإِن الكافر لا يعمل بالقرآن فإِن عمل بعض فكنبات لا نفع فيه، فهذه استعارة تمثيلية أَيضاً، وهى أَولى من تشبيه بمفرد فى الموضعين. ووجه الشبه فى الأُولى النفع والحسن وفى الثانية القبح وعدم النفع، وذلك كله بأَوجهه أَولى من أَن تفسر الآية بمطلق الامتنان أَو بمطلق القدرة إِذ لا يناسبهما ذكر قوله والذى خبث، وفى الآية تلويح بأَن الخير فى خلقة المؤمن والشر فى خلقة الكافر فالسعادة والشقاوة من البطن لكن بلا إِجبار ولا طبع. قال صلى الله عليه وسلم: " مثل ما بعثنى الله تعالى به من العلم والهدى كمثل غيث أصاب أَرضاً فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماءَ فأَنبتت الكلأَ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أَمسكت الماءَ فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب منها أخرى هى قيعان لا تمسك الماءَ ولا تنبت الكلأ، فذلك مثل من فقه فى دين الله تعالى ونفعه ما بعثنى الله تعالى به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله تعالى الذى أرسلت به " ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حاكيا عن الله عز وجل:

السابقالتالي
2 3