الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ }

{ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } بالذى قيل لهم قَوْلاً غَيْرَ الَّذِى قِيلَ لَهُمْ من للتبعيض فمنهم من لم يبدل، وتبديل القول قولهم: حبة فى شعيرة، أَو حنطة فى شعيرة، وكذلك بدلوا الفعل إِذ بدلوا السجود الانحناءَ بالزحف على أَستاههم، أمروا أَن يطلبوا الغفران بأَى لفظ لا بلفظ الحط فقط، وجعلوا مكانه طلب الدنيا، وقد قيل: قالوا بالنبطية حطا سمعوقا، أَى حنطة حمراءَ، وقيل: قالوا ذلك التبديل استهزاء وكذا الزحف { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ } بالتبديل المذكور { رِجْزًا مِنً السَّمَاءِ } عذابا بالطاعون فمات فى يوم واحد سبعون أَلفا وقيل: أَحد وعشرون أَلفا، { بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ } أَعاد ذكر تسبب الرجز عن الظلم مع علمه من تسليط الإِرسال على الذين ظلموا لزيادة تقبيح الظلم والزجر عنه، قيل: قال هنا: اسكنوا، وفى سورة البقرة: ادخلوا؛ لأَنه لا بد لساكن موضع من دخوله، وهنا وكلوا، وهناك، فكلوا؛ لأَن للدخول حالة مقتضية للأَكل عقب الدخول فكان بالفاء، وللسكنى حال مستمر فكان بالواو متى شاءُوا وأَكلوا، وهناك رغد لأَن الأَكل عقب الدخول أَلذ والأَكل مع السكنى والاستمرار دون ذلك فى الجملة، ولا يدفع هذا الاعتبار قوله فى آدم رغدا، وهناك تقديم لدخول السجود على قول الحطة لأَن المقصود تعظيم أَمر الله عز وجل، فاستوى التقديم والتأخير، وهنا: خطيئاتكم، بلفظ القلة، وهناك: خطاياكم إِشعارا بأَن هذا الدعاء يسقط القليل من الذنوب والكثير، وهناك: وسنزيد بالواو، بيانا للوعد بشيئين، وهنا كأَنه قيل: ما بعد الغفران؟ فقال: سنزيد، وهناك: أَنزلنا، وهنا: أَرسلنا، لأَن الإِنزال لا يشعر بكثرة، فكأَنه أنزل أَولا قليل، ثم كثر كثرة عبر عنها بالإِرسال. كما قيل: انبجست للقلة، وانفجرت للكثرة ثانيا، أَو أَجمل بالإِنزال وفصل بالإِرسال، وأَيضا الإِرسال من فوق كما دلت عليه على، هو إِنزال فتساويا، وهنا يظلمون وهناك يفسقون وصفا لهم بظلم أَنفسهم وبفسقهم أَى خروجهم عن الطاعة، وذكر الظلم والفسق فى الموضعين دلالة حصولهما منهم، والله أعلم.