الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ }

{ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى } من المناجاة { إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ } عليهم لعبادتهم العجل، وقد أَخبره الله فى المناجاة أَو فى الرجوع قبل الوصول { أَسِفًا } حزناً أَو شديد الغضب، وليسا بمعنى واحد، كرر للتأْكيد كما قيل: وإِذا أَصبت بمن فوقك حزنت، أَو بمن تحتك غضبت، فهو حزن لله سبحانه وتعالى، غضبان على قومه { قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِى مِنْ بَعْدِى } لإِشراككم، والمراد من بعد غيبتى أَو توحيدى وإِخلاصى العبادة لله عز وجل. وما: واقعة على الخلافة اسم موصول أَو نكرة موصوفة، والرابط مفعول مطلق محذوف، أَى بئس الخلافة التى خلفتمونيها، أَو بئس خلافة خلفتمونيها، والمخصوص بالذم محذوف، أَى خلافتهم هذه، أَو الفاعل مستتر، وما نكرة موصوفة تمييز أَو مصدرية، والمصدر تمييز أَو فاعل، والخلافة بقاؤهم خلفه، أَو كونهم خلائف فى فعل ما يفعله وقول ما يقول، ومن حق الخلفاء أَن يسيروا بسيرة مستخلفهم، ولا يتكرر قوله من بعدى مع قوله خلفتمونى لأَن معنى الخلافة أَن يقوموا مقامه فى التوحيد والعدل وإِبطال الشرك، ومعنى البعدية ذهابه عنهم إِلى المناجاة، والخطاب للكفرة منهم، إِذ عبدوا العجل، أَو المعنى قمتم مقامى، فالخطاب لهارون والمؤمنين معه، إِذ لم يكفوا عباد العجل عن عبادته، والخلافة فى الحقيقة لسيدنا هارون صلى الله عليه وسلم، وغيره من المؤمنين تبع له، وعلى أَن الخطاب له فقط ظن موسى صلى الله عليه وسلم الظن البشرى العاجل الذى لا يؤاخذ عليه، ولا سيما مع عظم الشرك، وشدة غضبه أَن هارون لم يفرغ وسعه حتى يمنعهم من الشرك، فلذلك قيل بئسما، أَو الخطاب للكفرة وفهارون عليه السلام ومن معه فهم أَشركوا، وهارون ومن معه قصروا فى ظنهم لموسى عليه السلام { أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ } ضمن عجل معنى سبق أَو ترك فعداه، أَى أَسبقتم أَمر ربكم، أَو تركتموه، أَى شأنه، وهو واحد الأُمور، وهو توحيده وعبادته، أَو ميعاده أَن يبقوا على الدين، حتى يأْتى بالتوراة على رأس أَربعين فى قولهفتم ميقات ربه أَربعين ليلة } [الأَعراف: 142] أَو ثلاثين يوماً، ويقال: عدوا الليل يوماً والنهار يوماً، فتم عدد الأَربعين على عشرين، وقالوا، أَو قال لهم السامري فتبعوه أَن موسى صلى الله عليه وسلم لم يأْتنا وقد مات، أَو الأَمر ضد النهى، أَى تركتم أَمره بالتوحيد والعبادة { وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ } تغلبت عليه شدة الغضب لدين الله فنسى الأَدب مع الأَلواح فأَلقاها فى موضع ليرجع إِليها إِذا تفرغ لكن بعنف فانكسرت فرفع منها ستة أَسباع كان فيها تفصيل كل شئ، وبقى سبع كان فيه المواعظ والأَحكام. وقيل: رفع ما فى الستة من الإِخبار بالغيب لا نفس الأَلواح، ثم رد ما رفع فى لوحين بعد أَن صام أَربعين يوماً أخرى لترد، أَقدر الله تعالى موسى على حملها ولو كان وقر سبعين بعيراً.

السابقالتالي
2