الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } * { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ }

{ وَقَالُوا } لموسى { مَهْمَا } بالأَلف لأَنه مركب من ما الشرطية وما الزائدة، قلبت أَلف الأُولى هاء تخفيفاً عن التكرير، أَو من مه اسم فعل بمعنى اكفف، باق على معناه، وقيل: مجرد عنه، وما من قال بسيطة كتبها بالياء وخط المصحف لا يخالف، ومعناه كل ما وهو مبتدأ ولا دليل على الاشتغال، ولا تكون ظرفا بمعنى متى، وأَما قوله:
فإِنك مهما تعط بطنك سؤله   
فهى فيه مفعول مطلق، بمعنى أَى عطاء أَعطيت بطنك سؤله. ولو كانت فى الآية بمعنى متى لم يعد إِليها هاء به { تأَتِنا بهِ مِنْ آيَةٍ } بيان لهاء به حال منه، وسموها آية تهكما، أَو أَرادوا: على زعمك، { لِتَسْحَرَنَا بِهَا } أَنث هنا ضمير مهما، لأَنها فسرت وبينت باية، أَو أَعاد لنفس الآية، وهو فى المعنى عود لهما وضميره { فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } فما نحن بمصدقين لك عليها، أَو فيها، أَى الآية المعبر عنها بمهما، أَو مذعنين لك، أَو مؤمنين بك، فقال موسى عليه السلام: يا رب، إِن فرعون وقومه بغوا واتعدوا ونقضوا العهد قخذهم بنقمة تكون لقوم عظة، ولمن بعدهم آية وعبرة، وقد مر عليهم شأن العصا واليد البيضاء ولم يؤمنوا، فبعث الله عليهم الماءَ كما قال:

{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ } من السماء سبعة أَيام، ثلاثة فى ظلمة شديدة، والسيل يدخل بيوت القبط ويصل تراقيهم، ويفرق قاعدهم دون بنى إِسرائيل ودون بيوتهم مع اختلاط بيوتهم ولو تسفل بيت منهم عن بيوت القبط، ولا يرون شمساً ولا قمراً، ولا يطيقون الخروج، فلم يجدوا حرث أَرضهم ولا التصرف فيها، فاستغاثوا بفرعون فقال لموسى عليه السلام: أَزل عنا هذا الماءَ نؤمن بك، فأَزاله الله وجفف الأَرض وأَنبتت ما لم يروه قبل. فقالوا: هذا الذى جزعنا منه خير لنا ولم نشعر، والله لا نؤمن بك ولا نرسل بنى إِسرائيل. أَو الطوفان الجدرى أَو موت الحيوان أَو الطاعون شهراً، والطوفان ماء أَقام ثمانية أَيام، وأَزال الله ذلك فقاموا شهراً فى عافية ونقضوا العهد، وأَرسل الله عز وجل عليهم الجراد كما قال الله عز وجل { وَالْجَرَادَ } كثيراً تتراكب ذراعاً ويعطى ضوء الشمس مبتلى بالجوع حتى أَكل الخشب والأَبواب اليابسة والسقوف والثياب مكتوباً فى صدر كل جراد " جند الله الأَعظم " - سبعة أَيام من سبت وضجوا: إِن زال آمناً. فأَشار موسى بعد خروجه إِلى صحراء إِلى الشرق والغرب، فذهب من حيث جاءَ، أَو أَلقته الريح فى البحر، وسمى جراداً لأَنه يجرد الأَرض من النبات، والاشتقاق فى أَسماء الأَجناس قليل، وبقى لهم ما يأكلون من غلتهم، فقالوا بقى لنا ما يكفينا فلا نترك ديننا، وأَقاموا شهراً فى عافية، وعادوا إِلى أَعمالهم الخبائث، فأَرسل الله عز وجل عليهم القمل كما قال: { وَالْقُمَّلَ } ضرب بعصاه كثيباً من الرمل أَحمر فعاد قملا يأخذ أَبشارهم وأَشعارهم وأَشعار عيونهم وحواجبهم ولزم جلودهم ومنعهم القرار والنوم وأَكل ما أَبقاه الجراد ولحس الأَرض ومس أَبدانهم، وامتلأَ طعامهم قملا، ويحصل شئ قليل من الدقيق من عشرة أَجربة.

السابقالتالي
2