الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ }

{ فَأَلْقَى عَصَاهُ } من يده، وكانت معه من آس الجنة التى خرج منها آدم فى الأَرض، وصلت شعيباً، واسمها ماشا، وقيل من عوسج، وقيل من لوز، وكانت تضئ بالليل، قيل يضرب بها الأَرض فيخرج له رزقه منها، ولا عود فى جنة الجزاء الدائمة { فَإِذَا هِىَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ } ظاهر لا يشك فيه، كثير الشعر أَصفر أَشقر، فتح فاه، ووضع لحيه الأَسفل على سور القصر والأَعلى فى الهواء، وبينهما اثنا عشر ذراعاً وقيل ثمانون ذراعاً، أَو الأَسفل والأَعلى على السور، وقيل: كان كالمدينة، والله قادر على قلب الحقائق، وقيل: إِن ذلك محال لا يوصف إِليه سبحانه وتعالى بإِيجاده، فلا تتعلق به القدرة، ولا يوصف بالعجز تعالى الله، والصحيح الأَول، وليس ذلك بأَعظم من إِيجاد ما لم يكن بلا واسطة، ومن ذلك أَن يخلق النحاس ذهباً هكذا، أَو بأَن يسلب من أَجزاء النحاس الوصف الذى صار به نحاساً، ويخلق الوصف الذى صار به ذهباً، كما صور الماءَ نباتاً، وكما صور الدم نطفة والنطفة علقة، وهكذا، وتوجه نحو فرعون فهرب وأَحدث أَربعمائة مرة فى ذلك اليوم بالبول والغائط، وانطلق بطنه إِلى أَن غرق، ومات خمسة وعشرون أَلفاً فى الانهزام والازدحام، وأَنشد موسى: بالذى أَرسلك خذه، وأومن بك، وأَرسل معك بنى إِسرائيل، فأَخذه وعاد عصا فى يده وهى ثعبان فى عظم الجسم، وحية فى خبث المنظر وهوله، وجان أَى حية خفيفة رقيقة فى الخفة، أَو تبدو أَولا على الدقة ثم تصير غليظة كالثعبان، وهى فى ذلك كالحية، وروى أَنه وقف وهارون بين يدى فرعون، فلقن الله تعالى موسى عليه السلام أَن قال: لا إِله إِلا الله الحليم الكريم، سبحان رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين، اللهم إِنى أَدرأ بك فى نحره، وأَعوذ بك من شره، وأَستعينك عليه فاكفنيه بما شئت. فتحول ما فى قلب موسى من الخوف أَمنا، وتحول ما فى قلب فرعون من الأَمن خوفاً، فمن دعا بهذا الدعاء وهو خائف آمنه الله ونفس كربته، وخفف عنه كرب الموت.