الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ }

{ سَنَسِمُهُ } نجعل له سمة { عَلَى الْخُرْطُومِ } الأَنف يوم القيامة بالنار، قيل هو تعذيب أنفه فى جهنم وهو قول المبرد، وقيل يوسم يوم القيامة على أنفه بالنار فى المحشر، يعرف أهل المحشر بها كفره، وقيل الخرطوم وجهه يوسم بالسواد قبل دخول النار تسمية للوجه باسم بعضه، وقيل الوسم على الخرطوم فى الدنيا خطم انفه يوم بدر بالسيف سمة يبعث بها، ويبحث بأَن هذا واحد والآية كلية، وبحث بأَن أبا جهل قتل يوم بدر والباقين ماتوا قبل بدر إِلا الحكم لم يوسم هو ولا هم، وقيل الوسم فى الدنيا بالإِهانة والإِذلال بحيث يكون كالوسم على الأَنف فهو يتلى ذمه أبداً فى القرآن فى حياته وبعدها وفىتسمية أنفه خرطوماً إِهانة لاشتهار الخرطوم فى أنف الخنزير والفيل وكأَنه خنزير، فإِما أنه شبه بأَحدهما ورمز إِليه بذكر لازمه وإِما أنه سمى المطلق بالمقيد، ولا يصح أن يكون سمى أنفه بالخرطوم للشبه لأَن أنفه لم يشبه أنف الخنزير وصح هذا فى الاخرة بأَن يبعث وأنفه كأنف أحدهما، واختير الأَنف لأَنه عضو يذكر بالعز وكذا الوجه فإِذا وسم فيه فذلك غاية فى الهوان، وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كوى دابة فى وجهها فكيف فى اكرم موضع منه وهو الأَنف، ومما يقال الجمال فى الأَنف قال بعض الناس:
وحسن الفتى فى الوجه والوجه عاطل   فكيف إِذا ما الخال كاله له حلياً
واشتق منه الأَنف فى التعزز، ويقال فلان شامخ الأَنف، ويقال حمى أنفه، وفى الذم جذع أنفه ورغم أنفه، وقال النضر بن شميل المعنى سنحده على الخمر أى شربها، ويبحث بأَن هؤلاء الكفرة ماتوا قبل تحريم الخمر إِلا الحكم فبعده ولم يحد عليها ولا يعاقبون عليها إِذا ماتوا فى الآخرة إِذ ماتوا قبل تحريمها.