الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّٰتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَٰبِهٍ ٱنْظُرُوۤاْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذٰلِكُمْ لأَيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ وَهُوَ الَّذِى أَنْشَأَكُمْ } خلقكم. قال هنا أَنشأَ بخلاف بقية السور ليس فيها لفظ أَنشأَكم ليوافق قوله بعدوهو الذى أَنشأَ جنات } [الأنعام: 141] والكل فى الإِيجاد بعد العدم للدلالة على البعث، وقد وافق قوله قبلثم أَنشأنا من بعدهم قرنا آخرين } [المؤمنون: 31] فينبغى أَن يقال كلاهما لموافقة أَنشأَ جنات، إِذ هن فى سورة واحدة نزلت بمرة، أَو للتفنن، أَو لاعتبار مفهوم الخلق تارة وهو قطع الشئِ وفرضه، ومفهوم أَنشأَنا تارة وهو الإِبداع، والخطاب لبنى آدم كلهم، أَو من وجد وقت النزول ومن وجد بعده { مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَة } آدم ومنه خلقت حواء من ضلعه، وعيسى إِذ هو من مريم ومن ذريته، ويأجوج ومأجوج، وإِذا كنتم من نفس واحدة فلم يتعاظم بعض على بعض، ولم لا تكونون فى المعاونة على الخير كواحد، ولم يظلم بعضكم بعضاً وكأَنه ظلم نفسه، والرجوع إِلى أَصل واحد أَقرب إِلى التواد، وقد اجتمعنا أَيضا فى نوح. وجمهور العرب فى إسماعيل وإِبراهيم، وأَهل التوحيد على اختلاف المذاهب فى دين الإِسلام، والنبى محمد صلى الله عليه وسلم، ومع كونهم من نفس واحدة اختلفت أَجسامكم فى الأَلوان والخصال والأَحوال وذلك لكمال قدرته تعالى { فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ } مصدران، أَى فلكم استقرار واستيداع، أَو اسما مكان أَى موضع استقرار وموضع استيداع، أَو اسما زمان أَى مدة استقرار ومدة استيداع، والاستقرار فى الأَصلاب والاستيداع فى الأَرحام، أَو الاستقرار فى الأَرحام والاستيداع فى القبور، أَو الاستقرار فى الأَرض والاستيداع فى القبور أَو الاستقرار فى الأَصلاب وفى الأرحام وفى الأَرض وفى بعض ذلك والاستيداع فى القبور، وناسب الاستقرار الصلب والاستيداع الرحم لأن النطفة فى الرحم بفعل الأَب فكأَنه استودعها ولا استيداع له فى الصلب، والله يستودع كل ما يشاء لما شاءَ، قلت: أَخرج الله ذرية آدم منه وردها فيه، ولا بأس من تسمية هذا الرد استيداعا، فالصلب مستودع. ويناسب الاستقرار فى الأَرحام قوله تعالى:ونقر فى الأَرحام } [الحج: 5] ويناسب الاستقرار فى الأَرض قوله تعالىولكم فى الأَرض مستقر } [البقرة: 36] والإِنسان وديعة فى القبر يخرج منه تارة أُخرى، وصلب الأَب مستقر للنطفة وقدم على الاستيداع لتقدمها فى الصلب على وقوعها فى الرحم إِما على أَن الولد من نطفة الأَب فقط وهو ضعيف فواضح، وإِما على أَنه منها ومن نطفة الأم ففيه أَن نطفة الأم فى الترائب متقدمة على الرحم فيجاب بأَن نطفته أَعظم وعمدة، وأبى بن كعب فسر الآية بالاستقرار بالأَصلاب وبالاستيداع فى الأَرحام، وأَكثر الروايات عن ابن عباس كما أَجاب به حبر تيماء إِذ سأَله أَن المستقر الرحم والمستودع الصلب لقوله تعالى

السابقالتالي
2 3