الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ }

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ } هم الأَنبياءُ المتقدم ذكرهم، وقيل: المؤمنون، ولا يخفى ضعف أَن يقول الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم: اقتد بالمؤمنين، وإنما هم المقتدون به، بل اقتد بالأَنبياءِ. أَخبر بالذين هدى الله إِفادة للكمال، إِذ أَسند الهدى إِلى الله بلفظ الجلالة، إِذ كان معناه جامع صفات الكمال، ولا هداية فوق هداية جامعها، ولذلك جاءَ الكلام بطريق الالتفات من التكلم إِلى الغيبة، فإِن مقتضىوكلنا بها قوما } [الأَنعام: 89] أَن يقال: أُولئك الذين هديناهم، وفى ذلك أَيضا تمهيد لقوله { فِبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } اتبعهم فى عبادتهم وديانتهم وصبرهم وتقواهم إِلا ما نسخ فهو أَفضل منهم جملة، وكل فرد فرد مع تعظيمه بقوله بهداهم ولم يقل بهم، لأَنه اجتمع فيه ما تفرق فيهم مما لم يتناقض، وليس ذلك تقليدا فى الأُصول والديانات فإِن العلماءَ اختلفوا فيه فى توحيد المقلد واعتقاده أُصول الديانة بلا دليل هل يجزى وكيف يجزى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يقتدى بهم من طريق الوحى والأَدلة العقلية، أَو المعنى: كن ودم على ما أَنت عليه فإِنك على ما هم عليه، أَو اعتقد بالوحى منا ما اعتقدوه بالوحى منا إِليهم، والعطف على الاسمية أَو الصلة والباء متعلق باقتده. وقدم بطريق الاهتمام وللحصر، أَى بهداهم لا بغيره كمذهب مشركى قريش وأَهل الكتاب المخالفين للحق، والحاء للوقف ولكنها تقرأ وقفا ووصلا عند نافع وابن كثير وأَبى عمرو وعاصم، والدليل على أَنها تقرأ وصلا أَيضا إِجراءً له مجرى الوقف قراءَة نافع { ماليه هلك } بادغام هاء ماليه فى هاء هلك، وذلك أَنه نزل القرآن بها وكتبت فى المصاحف فهى تقرا وصلا كالوقف لئلا يتخالف النزول والخط، وعن ابن عامر كسر الهاء بلا إِشباع وكسرها بإِشباع، فقيل: الهاء ضمير المصدر فهى مفعول مطلق، أَى اقتد الاقتداء، أَو مفعول به عائدة إِلى الدرس ويردها إِسكانها، وأَن هاءَ السكت قد تحرك تشبيها بهاء الضمير كقوله " واحر قلباه مما قلبه شبم. بضم الهاء الأُولى وكسرها، ولا يحسن تغليظ أَبى بكر بن مجاهد ابن عامر فى قراءته، وهاء الندبة لا تحرك للساكن وإِنما حركت تشبيها واستدل بالآية على أَن شرع من قبلنا شرع لنا، فإِنه ولو كان لا يمكن الاقتداء بهم جميعا لاختلافهم فى الفروع، ولكن لا مانع من اقتدائه بالفروع المحتوم بها المخالف لمن قبله، أَو بما شاءَ الله من الفروع المتناقضة، أَو شرع لنا فيما لا يتناقض من الفروع أَو فيما ذكر الله منها مثل قولهأَن النفس بالنفس } [المائدة: 45] إِلخ، وأَنت خبير بما مر وفى السؤالات: فإِن كان فى شريعة غير هذه ذكر شئ ولم يكن فى هذه هل يعمل به، قال: نعم، قال الله فبهداهم اقتده، وقال بعضهم: كل واحد منهم وشريعته قال الله عز وجل

السابقالتالي
2