الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ وَوَهَبْنَا لَهُ } لإِبراهيم { إِسْحَاقَ } من سارة، عاش مائة وثمانين سنة، ولفظ إِسحاق أَعجمى، وذكر بعض أَن معناه بالعربية الضحاك { وَيَعْقُوبَ } ابن إِسحاق، عاش مائة وسبعا وأَربعين سنة، وفى هذا دليل أَن ولد ولدك ولدك لأَنه جعله فى الهبة مع الولد، والعطف على تلك حجتنا عطف قصة على أُخرى عطف فعلية على اسمية، لا على آتيناها؛ لخلوها عن ضمير تستحقه جملة آتيناها فى الربط بما قبلها، وفى الجملة إِلى آخره مدح لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إِذ كان من ذرية إِبراهيم من جهة إِسماعيل، ومدح لسيدنا إِبراهيم إِذ جعل أَشرف الخلق من نسله وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهو من جملة ما رفع به درجات إِبراهيم عليه السلام خليل الرحمن إِذ سلم قلبه للعرفان، ولسانه لإِقامة البرهان على فساد طريق أَهل الشرك والطغيان، وسلم بدنه للنيران وولده للقربان وماله للضيفان، واعترف بفضله جميع أَهل الأَديان، ومن جملة درجاته أَن أَكثر الأَنبياء من نسله { كُلاًّ } كل واحد من إِسحاق ويعقوب { هَدَيْنَا } لم يذكر ما إِليه الهداية ليذهب ذهن السامع كل مذهب ممكن حسن فى الهداية لإِبراهيم من كل شرف وفضيلة دنيوية وأخروية، وللعلم به وهو ما هدى إِليه إِبراهيم عليه السلام، وقدم كلا للاهتمام أَو للحصر الإِضافى، أَى إِنما هديناهما جميعاً لا واحداً فقط، وفيه ضعف، وقيل: كلا من إِبراهيم وإِسحاق ويعقوب، والأَول أَولى لأَن شرف إِبراهيم مشهور معروف مفروغ منه قبل هذه الآية، والآية سبقت لمدحه بأَنه وهب له ولدين مهديين، وبأَنه من ولد مهدى عظيم هو نوح { وَنُوحاً } معناه بالسريانية الساكن، وقيل سمى نوحاً لكثرة بكائه، فهو لقب، واسمه عبد الغفور، وصحح الأَول { هَدَيْنَا } قدم نوحاً للاهتمام { مِنْ قَبْلُ } من قبل إِبراهيم، عد هدى نوح نعمة لإِبراهيم، لأَن شرف الأَب يتعدى إِلى الولد، فشرف إِبراهيم عليه السلام من جهة أَبيه نوح وهو جده، وجهة أَولاده وهم أَنبياء بنى إِسرائيل، وقيل بين آدم ونوح أَلف سنة، وعاش آدم تسعمائة سنة وستين، وبين إِدريس ونوح أَلف سنة، وبعث نوح لأَربعين وعاش فى قومه أَلف سنة إِلا خمسين، وعاش بعد الطوفان ستين، وقيل: بعث ابن ثلاثمائة وخمسين، وبين إِبراهيم ونوح عشرة قرون، وعاش إِبراهيم مائة وخمساً وسبعين وبينه وبين آدم ألفا سنة، ونوح هو ابن لَمْك -بفتح فإِسكان - ابن متوشلخ - بفتح فضم وشد وفتح الشين واللام - وقيل - بضم ففتحتين فإِسكان الشين وكسر اللام - أَخنوخ - بفتحتين وضم النون - وهو إِدريس بن برد ابن مهلائيل بن قينان بن أَنوش بن شيت، والذى يتبادر إِلى النفس أَن إِدريس قبل نوح، وقد قيل أَنه ولد بعد آدم بمائة وستة وعشرين عاماً، لكن فى الطبرانى: أَول الأَنبياء آدم ثم نوح فإِدريس بعد نوح، وعليه أَكثر الصحابة، وقد قيل إِدريس بن برد بن مهلائيل بن أَنوش بن قينان بن شيت بن آدم وهو جد نوح بينهما أَلف سنة، كما روى عن ابن مسعود ووهب ابن منبه { وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ } من ذرية نوح، أَو من ذرية إِبراهيم، والأَول أَولى لأَن لوطاً ويونس ليسا من ذرية إِبراهيم، ووجه الثانى أَن الكلام سبق فيه والعطف بعد فى الأَول على نوحاً فيكون الهدى متسلطاً عليهم أَو على إِسحاق، فتكون الهبة متسلطة عليهم وفى الثانى على إِسحاق.

السابقالتالي
2 3