الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن يُنَجِّيكُمْ مِّن ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ }

{ قُلْ } لأهل مكة توبيخاً على عبادة مالا يدفع ضراً ولا يجلب نفعاً { مَنْ يُنْجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ والْبَحْرِ } فى أَسفاركم وأَحضاركم من شدائدهما، كالخسف فى البر واللدغ وأَكل السباع والضلال عن الطريق، وكالغرق فى البحر والضلال فيه والأَمواج والرياح العاصفة وبلع الحوت الكبير، وتعرضه للسفينة، أَو ذلك والظلمة الحقيقية الحاصلة بالليل والسحاب على عموم المجاز، أَو الجمع بينه وبين الحقيقة، وهو مطلق الهول الشديد الشبيه بالظلمة بجامع الهول، فإِن الشدة تذهل العقل حتى يمر بك شىء فلا تراه، يقال: يوم مظلم، ويوم ذو كواكب، وهول الظلمة شبيه بالظلمة نفسها فليس فى ذلك تشبيه الشىء بنفسه، { تَدْعُونَهُ } حال من الكاف، أَى داعين، أَو من ضمير ينجى، أَو مدعوا، أَو مستأنف { تَضُرُّعاً } ذوى تضرع برفع صوت، أَو متضرعين { وَخُفْيَةً } وذوى خفاء دعاء، أَو خفية اسم مصدر، أَى وذوى إِخفاء، أَو مخفين، أَو تدعونه دعاءَ تضرع ودعاءَ خفية، أَو ضمن تدعون معنى تعلنون وتخفون كقعدت جلوساً { لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ } أَى من هذه الظلمات، وجملة القسم وجوابه محكى بتدعونه تعدى لواحد بنفسه، والآخر بتضمنه معنى تقولون، أَو يقدر له قول هو حال، أَى قائلين والله إِن أَنجيتنا من هذه { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ } المؤمنين الشاكرين لنعمك بالتوحيد والعبادات، والمشركون لا يخافون وقوع الخسف فلا يدخل فى قوله لئن أَنجيتنا من هذه لأَنهم لا يرون أَثره كما يرون موج البحر ورياح البحر، ولا يكفى جواباً اعتباره فى ظلمات البر باعتبار مشارفته لا وقوعه، لأَنهم أَيضاً لا يعترفون بمشارفته. اللهم إِلا أَن يتخيلوه حين ظلمة الليل فى البر مع الريح.