الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ ٱلْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَٰتِ ٱلأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ }

{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ } جمع مفتح بكسر الميم وفتح التاء، أَو مفتاح بالأَلف حذفت فى الجمع كما فى مصابح ومحارب بلا ياء، عكس زيادتها فى صياريف بلا أَلف، اسم آلة فتح الباب استعير للأَمر الذى يتوصل به المخلوق من الأَسباب إِلى الغيب الذى يطلبه، أَى إِلى مطلوبه الغائب، أَو ذى الغيب فيحصل له، أَو ذلك تذكير أَسباب خلقها الله عز وجل فيوفق إِليها المخلوق، وتسمى طرقاً، ولا يقال يتوصل الله إلى المغيبات المحيط علمه بها إِلا على معنى أَنه خالقها. أَو على معنى أَن عنده أَسباباً لإِحضار المغيبات، أَو أَسباباً يعلم بها المخلوق ما غاب كالوحى بأَنواعه والإِلهام والرؤيا ممن اعتاد صدقها، وشبه الغيب بالخزائن المستوثق منها بالأَقفال، ورمز إِلى ذلك بذكر آلات الفتح وإِثباتها تخييل أَو استعارة تمثيلية، أَو جمع مفتح بفتح الميم والتاء مصدراً ميمياً بدون أَلف، وهو قليل، بمعنى أَنه بفتح الغيب على من يشاء من عباده، أَو جمع مفتح بفتح الميم والتاء اسم مكان ميمياً، أَو مواضع الفتح، كما فسره ابن عباس بخزائن المطر، والمفتح المخزن أَو الكنز، أَى خزائن الغيب أَضيفت للغيب لغيوبتها، أَو يراد بها القدرة الكاملة، وقيل: استعير العلم للمفاتح والقرينة الإِضافة للغيب، ومن مفاتح الغيب هذه السورة نزلت بمكة جملة معها سبعون ألف ملك تكاد الأَرض ترتج بصوت تسبيحهم وتحميدهم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " سبحان ربى العظيم، وخر ساجداً " قال صلى الله عليه وسلم: " من قرأَ سورة الأَنعام صلت عليه أَولئك السبعون أَلف ملك ليله ونهاره، وأَمر بكتابتها " قال ابن عباس: إِلا قوله تعالىوما قدروا الله حق قدره } [الأنعام: 99] الآيات الثلاث، وإِلا قوله تعالىقل تعالوا أَتل ما حرم } [الأنعام: 151] الآيات الثلاث ففى المدينة. وقيل: نزلت مرتين { لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ } يعلمها نفسها وأَوقاتها وحكمتها، قال عبد الله ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " خمس لا يعلمها إِلا الله تعالى: لا يعلم أَحد ما يكون فى غد إِلا الله تعالى، ولا يعلم أَحد ما يكون فى الأَرحام إِلا الله تعالى ولا تعلم نفس ماذا تكسب غدا، ولا تدرى نفس بأَى أرض تموت إِلا الله، ولا يعلم متى الساعة إِلا الله " وقيل: خزائن الأَرض،و علم نزول العذاب، وقيل: الثواب والعقاب. وقيل: انقضاء الآجال والسعادة والشقاوة وخواتم الأَعمال، وقيل: الأَقدار والأَرزاق. وعن ابن عباس: مفاتح الغيب خمس وتلا:إِن الله عنده علم الساعة } [لقمان: 3 4] والجملة حال من المستتر فى عنده، وناصبها عند لنيابتها عن استقر المنتقل منه المضمر إِلى عند، أَو ناصبه استقر، أَو حال من مفاتح على قول سيبويه بجواز الحال من المبتدأ، والجملة خبر ثان أَو مستأَنفة.

السابقالتالي
2 3