الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ وَلَقدْ جَآءَكَ مِن نَّبَإِ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى ٱلْهُدَىٰ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ }

{ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ } وعموم البلوى مما يهونها بعض تهوين { فَصَبَروا } قبلك { عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا } هذا يدل على أن قوله يكذبونك ليس نفياً للكذب مطلقاً، بل نفياً له بالنظر ليعضهم، أَو باعتبار أَن قائله كذب لا أَنت، أَو باعتبار أَن الله قال لهم إِن ذلك تكذيب لى، وكأَنه قيل، ولقد كذبت رسل كثيرون عظام من قبل تكذيبك، أَو رسل كذلك ثابتون قبلك، كما قال الله، { وإِن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك } ، فصبروا على تكذيبهم وإِيذائهم حتى نصرناهم، فاصبر على تكذيب قومك وإِيذائهم إِياك كما صبروا ننصرك كما نصرناهم، وذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم ووعد بالنصر وتفريع بالنصر على الصبر، فإِن حتى تفريع على صبروا لا على أوذوا، ويجوز كونه تفريعاً عليهما وعلى كذبت، وأوذوا عطف على كذبوا وما مصدر، وتنكير رسل للتعظيم والتكثير، والمراد الإِيذاء الضرب والخنق والرمى بالحجارة، أو تأثير مضرة الكذب فيهم فإِنه ليس عين التكذيب، ومقتضى الظاهر نصره، وقال نصرنا بإِشعار التكلم بالعظمة { وَلاَ مُبَدِّلَ } لا أَنا ولا غيرى، على أَن المتكلم يدخل فى عموم كلامه، وعلى عدم الدخول ينتفى عن الله تعالى أَن يكون مبدلا لكلامه لا وعده ولا وعيده، لأَن ذلك من شأن من يجهل العاقبة، { لِكَلِمَاتِ اللهِ } الأَشياء التى قضاها الله وتكلم بها لخلقه، وكذلك ما لم يخبرهم به لا يتبدل، فالنصر الموعود به لا بد من وقوعه، إِما بالإِهلاك بما شاءَ وإما بالقتل، أَو بالحجج بأَن يكونوا أَولا على محسوسة بل معقولة ثم تأْتيهم محسوسة، وهذا كقوله تعالىولقد سبقت كلمتنا } [الصافات: 171] إلخ، إِلا أَنه جمع هنا على الأَصل من التعدد، وأَفرد هنالك باعتبار الاتحاد فى معنى واحد وهو القضاء، أَو أَراد بالكلمات التلويح إِلى قوله تعالىولقد سبقت كلمتنا } [الصافات: 171] إِلخ، وقولهكتب الله لأَغلبن } [المجادلة: 21] إِلخ، ونحو ذلك { وَلَقدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ } أَى خبر، وإِنما يذكر فيما له شأن كما هنا، وقيل للخبر مطلقاً { الْمُرْسَلِينَ } أَى جاءَك هو، أَى هذا الخبر المذكور، أَو جاءَك النبأ ثابتاً من نبإ المرسلين، أَو جاءَك شئ ثابت من نبإ المرسلين، فناب عن الفاعل نعته، أَو الفاعل من بمعنى بعض مضافة إِلى نبإ أَى خبر المرسلين وما كابدوا أَقوامهم، كقوله تعالى:أَم حسبتم أَن تدخلوا الجنة } [البقرة: 214] إِلخ، وروى أَنه أَتى بعض رؤساء قريش فى نفر منهم، ويقال الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، فقالوا: يا محمد إيتنا بآية من عند الله كما تفعل الأَنبياء، فإِنا نصدقك فأَبى الله أَن يأْتيهم بها فأَعرضوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشق ذلك عليه صلى الله عليه وسلم، فنزل قوله تعالى،

السابقالتالي
2 3